اليقظان والفيصل (بقلم ليلى بن رستم مدربة ومستشار أسري في مركز التنمية الأسرية بالأحساء فرع العمران).
1/9/ 1436
ذات يوم كنت جالسة في إحدى الأروقة أتصفح بعض الكتب وإذا بطفلين جميلين (يكسوهما شعر جميل أحدهما أشقر والآخر كستنائي تعلوهما براءة الطفولة )يجلسان أمامي أحدهما يقظان في عمره السابع والآخر فيصل في عمره الخامس، يلعبان لعبة البليستيشن في كرة القدم وكان يقظان يشجع برشلونة وفيصل ريال مدريد ومتفاعلان جدا وهما يعلقان على الهدف وتسديدة اللاعب، جلست أترقبهما وكلي استمتاع لمنظرهما البرئ وهما متفاعلان مع اللعبة ومنسجمان جدا معها، فاعترضتهما سارة تلك الطفلة الجميلة ذات الشعر الأسود في عمرها السادس ، وبدأت توبخهما وتهددهما بصوتها الناعم الجميل بأن يتوقفا عن اللعب او يدعونها للمشاركة معهما ولكن الطفلين لم يعيراها اهتماما بل حتى لم ينظرا إليها واستمرا في اللعب باستمتاع، فأشرت إلى (سارة ) بالصمت حينها التفت الي الفيصل مبتسما وكأنه يشعر بنشوة الانتصار قائلا (هي دائما هكذا تهذر كثيرا) ضحكت بشدة حتى كدت أنفجر من الضحك ، لم أكن أتوقع أن الاختلافات العقلية بين الذكر والأنثى تكون ملحوظة منذ الطفولة ، فاليقظان والفيصل ذكور كان جل اهتمامهما التركيز في اللعبة وطبيعة الذكر إذا كان مشغولا في أمر ما فإن 95% من عقله منصرفا في التفكير بما يشغله ويتبقى 5% فقط من مساحة ذاكرته ، ولذا فهو ضعيف السمع والبصر في أمور أخرى حتى ينتهي ، وكثرة الكلام تحبطه مما يؤوله للصمت وخاصة حينما يتعرض للنقد والتوبيخ وهذا ماحصل أمامي، فاليقظان والفيصل كانت عقولهما متوجهة بالكامل نحو اللعبة وتوبيخ سارة لم يعيراه اهتماما لأنهما ببساطة ليس لديهما مايقولانه ولم يشعرا بالتقصير لأنهما منشغلان باللعب، وحينما علق الفيصل على ثرثرتها لأنه بطبيعته ذكر والذكور لاتحب كثرة الكلام ودائما تركز على النتيجة ولاتحب سرد التفاصيل التي تهتم بها الأنثى بينما الأنثى حينما تتكلم تريد من يستمع لها ويتفاعل معها وهذا ماحدث مع سارة مما أشعرها بالإحباط وأدى إلى انسحابها وآثرت الصمت، حينها اقترب موعد صلاة المغرب فلم أشأ أن أوقفهما عن اللعب ، لأنهم أطفال والطفل حينما يلعب لايفهم الزمن الاجتماعي لدى الكبار ، بل يعيش زمن نفسي خاص فيه أي يلعب وهو متيقن أن الكون كله متوقف له حتى ينهي لعبه ويستمتع ، حينها خيرتهما بين التوقف بعد خمس دقائق أو عشر دقائق فاختارا العشر الدقائق، لأن ضرورة التوقف عن اللعب حتمية ولذا لابد من تخييرهما في التوقيت فقط حتى يشعران بمسؤولية قرارهما، بعد عدة دقائق أخبرتهما أنه اقترب موعد انتهاء المدة حتى لايستعصي عليهما ترك اللعبة وحتى نجرهما من الزمن النفسي إلى الزمن الإجتماعي وهو اقتراب موعد الصلاة، انتهت الفترة المحددة وتوقفا عن اللعب وكانا مستمتعين جدا .