العودة   منتديات الطرف > الواحات الخاصـة > منتدى السهلة الأدبي




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 16-01-2009, 06:40 PM   رقم المشاركة : 1
منتدى السهلة الأدبي
منتدى السهلة الأدبي






افتراضي ( ذكرى عاشوراء: متغيرات العصر، والوعي المطلوب ) جابر عبدالله الخلف

سمعاً وطاعة:


ذكرى عاشوراء

متغيرات العصر.. والوعي المطلوب !!


جابر بن عبدالله الخلف


ما هي مسؤولية الخطباء حتى قال عنهم الميرزا النوري عام 1319 كل هذا الكلام في كتابه اللؤلؤ والمرجان :


"وفوق كل هذا فإنهم يتعجبون من عدم استجابة الدعاء تحت تلك القبة السامية وهم لا يعلمون أنه لم يسلم من شرّهم قبةٌ ولا حرمٌ ولا ملائكة ولا فيضٌ قدسي بل إن لهوهم وتعصّبهم وتكسّبهم تارة رأس مال دنيوي وأخرى برأس مال ديني قد أسرى فسادهم إلى الآخرين حيث صاروا يفترشون بساط التسلية ويتبادلون القصص الطويلة الكاذبة في الصحن المقدس وينشغلون ثلاث ساعات بسرد الأكاذيب الواضحة المعلومة الفساد وقد اجتمع حولهم جماعة من الأوباش والأرذال، فلو أن هذا المحفل القذر الذي هو محل لعن وسخط الجبار المنتقم جل جلاله انعقد في الصحراء وبعيداً عن أعين الناس لوجب على المسلمين تفريقهم ومنعهم منه فكيف إذا كان في الصحن الشريف وعند قبور آلاف المؤمنين الأخيار بدل أن يعتبروا ويتّعظوا منهم ويدعوا لهم ويقرءوا لهم القرآن، وفوق معراج الملائكة ومحل ترددهم وانشغال مجاوريهم بالبكاء والأنين والصلاة والاستغفار للزائرين لا مثل أولئك الزوار الذين يشغلون أنفسهم بذلك المنكر القبيح أو يعينون عليه أو الذين يرون ذلك المنكر في محضر المجلس الإلهي فيتركونه دون أن يهتموا أو يلتفتوا إلى قبحه أصلاً فأين هؤلاء من التأثر والغم والشعور بالمسؤولية وأين هم من مقام الردع والنهي عن المنكر".

إن السؤال بعد قراءة هذا المقطع سيتغير وسيصبح ما الذي لم يفعلوه حتى قال فيهم وفي الجمهور هذا الكلام الناقد حد السخط؟.

إن ما يلاحظ على المقطع السابق هو أيضا تحميله المسؤولية للناس، وأن المستمع للكلام له دور في تقييم ما يسمعه ونقد ما يلقى عليه، ولولا هوان الناس على الخطباء لما رجموهم بكل ضعيف الأخبار وسقيم القصص؟!.

وما الذي استمر حتى عاود نفس النقد الأستاذ رائد قاسم حين قال عام 1429 في نبرة المستغيث حين صاح : "احترموا عقولنا أيها الخطباء ؟!!"

مئة عام مرت.. والمشكلة هي المشكلة، إذن أين يكمن لب المشكلة، وكيف الوصول إليها!!.
إن الإشكالية ما زالت قائمة فيما يتصل بدور المنبر ومسؤولية الخطباء والجمهور، لماذا تبقى المسافة موحشة بين أطروحة الشيخ الوائلي وحيدر حب الله ومحمد حسين فضل الله وهاشم معروف الحسني، بل والميرزا حسين النوري وبين خطباء هذه المرحلة الذين باتوا يتناسلون من كل حدب وصوب؟.

ومع الوقت باتت العلاقة متوترة حد القطيعة بين الخطباء وبين بعض التنويريين من ذوي النزعة الإسلامية من المفكرين والباحثين والمنشغلين بهموم المنبر الحسيني، ولن أغامر أكثر وأصف تلك العلاقة المتوترة بين الخطباء والليبراليين والعلمانيين ممن تهمهم ثورة الإمام الحسين "عليه السلام"، ويقلقهم هذا الهراء الذي يشاهدونه في الفضائيات ويقرءونه في الإنترنت؟.

ما كان حلما أصبح واقعا.. كانت القناة الفضائية حلما بالنسبة للشيعة يتحرونه في المنامات، فأصبح الفضاء ملكا مشاعا، ولكن ما الذي استفدناه من هذه الخدمة التي ما كانت على البال أو الخاطر؟.
لا يجوز تعميم النقد على كل ما يطرح.. فبعض ما يطرح له تقديره، ولكنها جهود لا يمثل بياضها شيئا أمام العارض الرمادي الممطر، والسيل العرم من البرامج والفعاليات المشربة بالخرافة والأخبار الملفقة والأقاصيص والأوهام التي تنسب إلى تراث أهل البيت "عليه السلام"، ويا ليتها تظل متعلقة بمن ُيمخرقُها ويتخرصُ بها حين تغشاه السوداء !!.

الخطاب الإعلامي المرئي لذكرى عاشوراء أصبح خطابا هلاميا ليس له قيمة حضارية، ليس المطلوب منه أن يكون مواكبا وحسب، بل المطلوب أيضا أن يكون إسلاميا شاملا جامعا، بل قد تمنى الشيخ حسن الصفار أن يكون إنسانيا بالمفهوم العفوي لمعنى الإنسانية الذي تعلمناه من أمهاتنا .

لماذا الاستمرار في دائرة المفهوم السجالي للمسائل العقائدية، حتى أصابنا الصداع ؟ فما زالت "قالوا وقلنا" بحمولاتها التاريخية وشحناتها المذهبية حاضرة ببهائها المطلق لم ينل منها النقد والوعي والحاضر والمستقبل؟.

ليس المطلوب منه أن يكون ما ورائيا ماضويا تاريخيا بل المرجو أن يكون حضاريا !.

ليس المطلوب أن يبقى تعبويا تحريضيا سجاليا بل المطمح أن يصبح إنسانيا !.

بل للأسف أصبح الخطاب عند بعض الخطباء في بعض القنوات الفضائية عدائيا ضد الآخر المختلف.
لقد أصبح المنبر الحسيني همًّا يحاول الكثير من المنشغلين بتطوير خطابه الإعلامي فبدلا من أن يصبح الحل أمسى هو المشكلة.

ومن الشخصيات البارزة في الساحة، ممن يتبنون هذا الطرح الإصلاحي والنقدي الشيخ حسن الصفار بمساهماته الفعالة في التواصل مع الجمهور بذكاء وحنكة واحترام المستمع، فقد حاول في هذا العام كما في الأعوام السابقة تبني القضايا المهمة في الساحة مثل: نقد الصنمية، وأولوية المعرفة وأخلاقية الاختلاف، والنقد الذاتي، والعقلانية.. و.. و..

وتناول في طروحاته نقد العوالق والطحالب والشوائب التي تنسب إلى مدرسة أهل البيت "عليه السلام"، وتناول أيضا نقد الخرافة وتجاهل الآخر و.. و !!

يا ترى لماذا انشغالنا بنقد الآخر بدلا من الانشغال بنقد الذات، وانشغل الآخر بنقد الذوات المجاورة بدلا من نقد ذاته، لقد أصبح الحس النقدي للذات الفريضة الغائبة أو بالأحرى الفريضة المغيبة.

كان من المفترض أن أكمل الحلقة الثانية من موضوع "الشعر الحسيني بين النعي والوعي" 20 صفر 1421 أو الحلقة الثانية من "عبقرية الخطابة الحسينية بين البلاغة والإبلاغ" 1 صفر 1427، ولكن أحببت الإشارة في هذه الومضات إلى انطباعاتي المختصرة عن الخطاب الإعلامي في ذكرى عاشوراء.
ختاما.. يقول الدكتور جورج طرابيشي :

إن المجتمعات حينما تنوء تحت وطأة الشعور بالعجز عن التحكم بمجرى مصائرها لا تجد ملاذا آخر تحتمي به سوى اللامعقول في شكله الديني أو في شكله السياسي .


الأربعاء
29 من المحرم 1429هـ

 

 

منتدى السهلة الأدبي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 02:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد