هل قرأت نهج البلاغة ( حلقات ) ؟!!

[ابن المقرب]

هل قرأت نهج البلاغة ( حلقات ) ؟؟

لقد سمعنا عن النهج .. وعلمنا أنه لأمير الحكماء والخطباء والبلاغيين .. الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .. وعلمنا كذلك أن من جمع هذا الكنز العظيم هو العلامة الشريف الرضي (ر ضوان الله عليه ) وهو أحد علماء المذهب في القرن الرابع الهجري .. ولربما يقتني كل شيعي هذا الكتاب الثمين ، كما يقتني القرآن الكريم ، والصحيفة السجادية ، ورسالة الحقوق ، ومفاتيح الجنان .....
لكن السؤال الأهم :
من منا كحل عينيه ، وحرث فكره ، وهز قلبه .. بينابيعه الدفاقة ؟؟!
من منا قرأه على حين مكث وتأمل وتدبر وتفكر وتذوق ؟
من منا ؟؟!!
لا أريد البتة هنا النفي .. والتعميم المسبق ..
إنما هو سؤال افتراضي نبدأ به حديثنا ..
من منا وقد مخر عبابه .. وغاص لإخراج صدفاته ولآلئه ؟؟
يذكر المؤرخون وكتاب السير أن للنهج شروحات وكتب مخصوصة به ما تربوا على المائة .. وهذا بحد ذاته يجعلنا نقول أن ليس هناك كتاباً يحتفى به هذا الإحتفاء غير القرآن الكريم .. فالعلماء والمتخصصون يضعون بعد القرآن النهج في قوته وتعبيره وتميزه وندرته ..
ولعلنا سمعنا من هنا وهناك من يحمل جوارح التشكيك والإشكالات المثارة فيه بهدف الطعن والتضعيف .. لكننا ( مكانك سر ) ندافع فقط لأنه النهج لا أكثر ولا أقل .. لا ندخل في تفاصيل الشبهات والتي روى علماؤنا هذا المجال في كتب كثيرة .. ولربما ندخل في الدفاع عنه .. لكننا لا نعطي أنفسنا فرصة للاطلاع عليه والقراءة فيه .. !!!
ماذا نسمي ذلك ..
إنه تخاذل ضد بلاغة الأمير وفكره ..
إنه إجحاف وتقصير بحق الإمامة والرسالة النبوية ..
إنه ضعف تواصل مع أهل البيت (عليهم السلام ) ..
هذه وقفات عن النهج سأقوم بإعدادها وتجميعها لتبسيطها لأخوتي الأعضاء الأعزاء ... أرجو أن أتفرغ لذلك ( رغم مشاركاتي المتسلسلة في هذا المنتدى الرائع ) .. أردت فقط أن أشرق عليكم بهذه الأسئلة لنبدأ بحمد الله وتوفيقه فيما بعد الحديث عن أهم القضايا المرتبطة بالنهج ما أمكن وما جادت به ذهنيتنا المتواضعة والمقصرة ... وبالله التوفيق
ابن المقرب

 

 

[ابن الشهيد]

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

ونعم الدعوة يابن المقرب

نعم هذه الدعوة الرائعة

كثيرا في جلساتي الخاصة وغيرها كنت ادعو لقراءة على الأقل صفحة واحدة يوميا
من كتاب نهج البلاغة والتدبر في معنى تلك الجمل الرائعة

ولله الحمد المنة عاهدت نفسي على قرائته بشكل يومي
بل انه بعض الخطب طبعتها ووضعتها في اماكن تواجدي

ابن المقرب إنحناءة أمام جمال ماستسطر يمنيك انا في إنتظارك .

 

 

[ابن المقرب]

نحمد الله ، ونصلي على الرسول المصطفى ، وعلى الآل من بعده ...
الدخول في عالم (نهج البلاغة) يعني أن نخوض غمار الإمام علي (عليه السلام) .. وهذا يعني أن نلج إلى مدينة العلم الكبيرة والتي يوصلنا (بوابها) بهديره وبلاغته – على حد تعبير النبي (ص) - ..
أن نتحدث عن النهج ، يعني أن يتحدث طير صغير عن حدائق تمتد امتداد البصر ، يعني أن تصف قطرة البحار اللا منتهية ...
لكن في هذه الحلقات أحببنا أن نسهل ثقافة النهج ، واختيار ما نراه مناسباً على نحو الأنموذج والأمثلة المحدودة ، بما تجود به ذهنيتنا القاصرة .. وإلا من يجرؤ على أن يختصر الرحيق وهو لما يقفز كل الأزهار ؟! ..
ولكي تكون حلقاتنا متماسكة .. أحببنا أن نطرح مقدمات تأسيسية عن النهج ، لا غنى للباحث والمتابع عنها .. وهذه المقدمات تعطي نظرة شاملة وعامة ، كما ترسم لنا خلفية غائية لما سنتناوله ..

# ولعل أهم المقدمات التأسيسية للنهج ، هي :

1ـ مكانة المتحدث على لسان النبوة .
2ـ مكانة المتحدث من خلال كلامه عن نفسه أو أهل البيت (ع) .
3ـ من هو الجامع للنهج ، وما مكانته ؟
4ــ ما منهج الجامع في النهج وطريقته ؟
5ـ مصادره ، ومدوناته
6ـ موضوعات النهج ومضامينه المتنوعة .
7ـ شروحات النهج وأبحاثه ، أو كتب وضعت خصيصاً لجمع كلام أمير المؤمنين (ع) . القديم والحديث
8ـ ما هي أهم الشبهات المثارة ضد النهج ، والردود عليها ، وخلفيات الإثارات المشبوهة ؟
9ـ ماذا جاء في مقدمة الشريف الرضي ؟
10ـ نماذج مختارة من الخطب والرسائل والحكم ، مع تقديم نظرة فكرية وأدبية سريعة .

...... وغيرها من الموضوعات والتي سنأتي عليها تباعاً .
# أخيرا /
لي رجاء من مشرف المنتدى الإسلامي أن يضع رابطاً (وصلة إلكترونية) إلى (نهج البلاغة) ليسهل على القارىء متابعة الخطب التي نشير لها ؛ ولأننا سنبدأ الحلقة الثالثة بـ(مقدمة الشريف الرضي .. إطلالة عامة ) فيستحسن أن تكون الوصلة موجودة ليرجع القارىء للنص المقدمة ، وفيما بعد يسهل عليه متابعة ما سنشير له من خطب أو رسائل أو حكم ...
نسأل الله أن يمن علينا بتوفيقه وسداده لنخوض غمار هذا البحر العميق ...
ابن المقرب

 

 

[ابن الشهيد]

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

ابن المقرب سر لازلت مسددا بروح علي عليه السلام

ماذا أقول فيمن كلامه ( دون الخالق فوق المخلوق)

شكرا لك لإشراكك اياي في موضوعك وهذه منة تمن بها علي

وهذه هي الوصلة لمن اراد المتابعة .

http://www.balagh.net/arabic/nahj/index.htm

 

 

[الهفوفي]

الشكر
كلمات متشابكة المعاني تدر لصاحبها لوؤلوؤ كأنه طعم السمك
فيسطاد بها القارء المتدبر لنفسه سمك المعاني ....فيسطاده الكرار
بفصل خطابه .....ويكون القارئ بين المصيدتين .... من المعارف

 

 

[zainab]

بسم الله الرحمن الرحيم ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..


ما عسى لساني ينطق امام هذةِ الدرر , سُرَ قلبي حقيقةً
فكثيراً ما كنتُ أبحث هنا وهناك .. أطالع وأقرأ واحاول ان أتدبر في تلك الكلمات النورانية ..


جزاكما الله عنا خير الجزاء ..

اكملا وفقكم الله ..

زينب ،،

 

 

[ابن الشهيد]

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعدائهم

لا اعلم يابن المقرب متى تعود لإكمال مابدأت .............

 

 

[ابن المقرب]

تحية طيبة لابن الشهيد
أنا لم أنقطع
إنما اعد المسودات الأولى للحلقات والتي تأخذ من وقتي شيئاً من التركيز والاختيار والتفرغ
والاختصار والترتيب لأجهز الحلقة سهلة ميسرة مركزة ذات فائدة للقراء ..
وتقريباً المادة الأولى لما أشرت إليه من موضوعات في المقدمة هي جاهزة لدي الآن
ويتبقى تعديلها ونقلها على الجهاز على شكل حلقات ومن بعدها
سأقوم بإعداد موضوعات مختارة في النهج
شكراً على اهتمامك
وأعتذر من القراء المتابعين على طول غيابي عن إكمال الموضوع وذلك بسبب ما أشرت إليه قبل أسطر
ورجائي الموفقية في هذا الأمر
ابن المقرب

 

 

[zainab]

كل يوم افتح فيه المنتدى .. كنت أعرج على هذا الموضوع عسى أن أرى إضافة

جزاك الله أخي كل خير .. وموفق بإذن الله ..


مازلتُ أتابع !

زينب

 

 

[zainab]

طال الإنتظار ..

 

 

[ابن المقرب]

لقد طال الانتظار ..
وتأخرت كثيراً ..
كل ذلك أعلمه وأدريه ..
ومالي إلآ طلب الاعتذار والأسف ..
فالعذر عند أهل الكرام مقبول - كما يقال - ..
ترقبوا بمشيئة الله تعالى
تدشين أولى الحلقات خلال هذا الأسبوع
ولم يكن التأخير إلآ لأعداد حلقة مناسبة وميسرة
لعيونكم المنتظرة ...
ابن المقرب

 

 

[الجرح العارف]

سبحان الله...

كنت بصدد كتابة عتب عليك لعدم اتمامك الحلقات , وإذا بي أفاجأ بأنك تعاتب نفسك بنفسك

ابن المقرب...

واصل فقلمك أكثر من رائع , وكلنا لهفة دائمة لما تخطه يمينك , لا حرمنا الله من هذا القلم المميز.

أخوك / الجرح العارف

 

 

[ابن المقرب]

الحلقة الثالثة

أمير الكلام على لسان أهل البيت (ع)

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وسيد المرسلين ، وعلى آله الطاهرين ..
السلام عليك يا أمير المعاني والألفاظ ، السلام على ينابيعك الثرة التي لا تنضب ، والصلاة عليك أبد الآبدين ..
لكتاب ( نهج البلاغة ) فرادة وميزة لم يلق مثلها حظاً إلا القرآن الكريم والسنة النبوية ، كيف وهذا الكنز العظيم لم ينهل إلى من القرآن والسنة الشريفة .. لم يلق كتاباً طوال تاريخ المسلمين اهتماماً بعد القرآن والسنة ؛ غير هذا الكنز الثمين .. ولقد تواصلت الشروح والدراسات والبحوث العميقة والمتوسعة والمتنوعة حتى يومنا هذا ؛ حتى وصلت إلى يومنا هذا قرابة الأربعمائة أو الخمسمائة دراسة وبحث !! ؛ ولا نزال نحتاج لدراسات أعمق وأكثر منهجية وعلمية ، فهذا الكتاب بحر لا حد له ، وأفق لا نهاية له ، لأن قائله لم يتتلمذ إلا في رحاب القرآن ومدرسة النبي الأكرم (ص) ..
إن أول ما يتبادر للذهن لأي دارس لهذا السفر المبارك ، معرفة الأساسيات التي انطلق منها هدير الكلام والمعاني والخطب ..
فالمقدمات التأسيسية التي عرضتها في حلقة سابقة لها أهمية للدخول إلى هذا الرحاب الواسع .. ولكي نتأدب للدخول ، لابد أن ندخل البيوت من أبوابها ، وسيكون عرضنا لهذه المقدمات مختصراً جداً ، ونرجو من القارىء الكريم أن يرجع لمضان المصادر الكثيرة التي تحدثت عن هذه المقدمات وغيرها ، كي يتلقى المزيد والجم الكثير ، لكننا آلينا إلا أن نقدم ولو النزر اليسير والذي به نتبرك قبل دخولنا في عالم النهج الجميل ، وستكون هذه النقاط كالتالي :
1ـ مكانة الأمير على اللسان النبوي الشريف .
2ـ مكانة الأمير على لسانه ، ولسان أهل بيته (ع) .
ففي نظرنا إن معرفة مكانة الأمير في القرآن والسنة المباركة ، ستعطينا إضاءة مناسبة لكي ندخل عالمه العميق ، فأمير الكلام ، ليس كأي أمير ، وليس كأي متحدث ، وليس كأي رجل عرفه التاريخ الإسلامي في حياة النبي (ص) وبعد وفاته ، وليس هو بالنكرة – حاشاه – كي يكون ما أنتجه غير معقول ومصدق أن يصدر عنه ، وهو الذي ظلمه أهل زمانه وما بعده ، وضن بهم أن يصدر هذا الهدير من فاهه المبارك ..لكن فات حاسديه ومبغضيه أنه ربيب القرآن والنبوة ، وأن فعل بغضهم وحسدهم وحقدهم عاد عليهم بالوبال ، فعرفه العالم من طريق المحب والمبغض ، وهو النور الساطع الذي يكشف كذب الظلام وزيفه .
أولاً / الأمير على لسان النبوة :
لن نحلق كثيراً في هذه النقطة ، ففضائل الأمير لا تحصيها ولا تعدها النفوس والخلائق ، ولقد كتب الكثير في هذا المجال ، لكننا سنأتي ببعض هذا الجم الغفير من الأحاديث ، وبما يرتبط بموضوع العلم وقوة البلاغة .
1ـ قال (ص) : (( لو أن الرياض أقلام ، والبحر مداد ، والجن حساب ، والإنس كتاب ، ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب )) الصواعق المحرقة ، ص 72 . وغيره .
2ـ وقال (ص) : (( أنا مدينة العلم وعلي بابها )) شواهد التنزيل للحسكاني 1/104 .
3ـ وقال (ص) : (( لو قسم العلم إلى عشرة أقسام ، لحصل علي بن أبي طالب على تسعة أقسامه ، ولشارك به الناس في القسم العاشر )) ينابيع المودة 2/303 .
4ـ وقال (ص ) : (( نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد )) نفسه 2/104 .
5ـ وقال (ص) : (( أعطينا أهل البيت سبعة لم يعطهن أحد قبلنا ، ولا يعطاها أحد بعدنا : الصباحة ، والفصاحة ، والسماحة ، والشجاعة ، والحلم ، والعلم ، والمحبة من النساء ))
6ـ وقال (ص) : (( علي عيبة علمي )) . كنز العمال 6/153 .
عيبة : هي الإناء من الجلد .
وفي هذا الكلام كناية عن أن النبي (ص) ما يحمله من علم يحمله ويعطيه علياً (ع) .
7ـ وقال (ص) حينما سئل : عمن نكتب العلم ؟ فأجاب : (( عن علي وسلمان )) تاريخ بغداد / 4/158 .
8ـ ما ورد عنه (ص) شاملاً في أحقيته بالإمامة والخلافة والمكانة مع أهل بيته (ع) ، وأبرزها حديث الدار ، والثقلين ، والغدير ..... وغيرها الكثير من الأحاديث المشهورة ، وبإمكان القارىء مراجعتها في مضانها الأصلية .
9ـ ما ورد كذلك عن النبي (ص) في فضائله في القرآن ، وعلى علمه ومعرفته به ، كرواية : أن ثلث القرآن نزل في علي ، أو أن كل آية تبدأ بيا أيها الذين آمنوا يكون أولهم علي .... وغيرها ، مثل ما روي عن ابن مسعود قال : (( إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ، ما منها حرف إلا له ظهر وبطن ، وإن علي بن أبي طالب (ع) عنده علم الظاهر والباطن )) حلية الأولياء لأبي نعيم 1/65

ثانياً / الأمير بلسانه ، ولسان أهل بيته (ع) :
1ـ قوله (عليه السلام ) في النهج ، في خطبة رقم 192 :
(( وقد علمتم موضعي من رسول الله (ص) بالقرابة القريبة ، والمنزلة الرفيعة ، وضعني في حجره ، وأنا ولد يضمني إلى صدره ، ويكنفني في فراشه ، ويمسني جسده ، ويشمني عرفه ، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه ، وما وجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة في فعل ( ... ) ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً ، ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء ، فأراه ، ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير سول الله (ص) وخديجة ، وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي ، وأشم ريح النبوة ، ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه (ص) فقلت : يا رسول الله ما هذه الرنة ؟ فقال : هذا الشيطان قد أيس من عبادته ، إنك تسمع ما أسمع ، وترى ما ترى ، إلا إنك لست بني ، ولكنك لوزير ، وإنك لعلى خير )) .
# وقفة مع النص :
يسترسل هنا عليُ بالحديث عن نفسه وعلاقته القوية بالنبي (ص) وكأنه ابن لصيق به رباه ورعاه وغذاه ، ولم يكتفِ بذلك ، بل أورد صوراً نادرة لهذه الأبوة الحانية الرحيمة ، فصور تلك العلاقة بعلاقة الفصيل بأمه الناقة ، حيث الطفل الرضيع لا يجد في الوجود إلا أمه ، فهي الكل بالنسبة له ، وهو الجزء منها ، بل الأم تراه كلها لعظم العلاقة ، فهي أحن علاقة بعد الله على الخلق .. ولم يكتفِ بذلك ، بل وصف ملاحقته وتواجده الطويل معه حتى قبل النبوة ، وبيّن الخصوصية التي لم ينلها أحد إلا هو .. كل ذلك من أجل ان يختم النص بلحظة تنوير وقمة النص الأخيرة ، وهي شهادة النبي (ص) في حقه وعلمه ومكانته وهي الإمامة ونفي النبوة عنه .
2ـ قال الأمير (ع) : في النهج ، الخطبة رقم 233 (( إنا لأمراء الكلام ، وفينا تشبثت عروقه ، وعلينا تهدلت غصونه )) .
هنا حيث بين الأمير أن للكلام عدة مستويات يرتبط به قائلوه ، وإذا كان الكل يدعي العلاقة العميقة ، من شعراء وخطباء وعلماء ، فـ (إنا) يعني (أهل البيت (ع)) .. أمراء للكلام ، وفصل هذه الإمرة أنها ممتدة العروق ، ولحاجة الكلام لهذه الإمرة العالية فإنه يتشبث ويتمسك بجاذبية وقوة بعروقه فينا ( أهل البيت) ليحيا هذا الكلام ومن ثم تتهدل وتتفرع غصونه المثمرة بأنواع الكلام وفنونه وعلومه .
3ـ وقال أيضاً : (( ألا وإنا أهل البيت أبواب الحكم ، وأنوار الظلم ، وضياء الأمم ))
4ـ وقال : (( كنت إذا سألت رسول الله (ص) أعطاني ، وإذا سكت ابتدأني )) .
فهو علم متواصل لا ينقطع ، ولم يلق احداً هذا الفضل غير علي (ع) .
5ـ قوله : (( والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيمَ أنزلت ، وأين نزلت . إن ربي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً سؤولاً ))طبقات ابن سعد 2/101 .
وحري بمن تتلمذ على آي القرآن أن يصدر عنه كل هذا الكلام المنمق ، والمعنى العمق . فلقد وهبه الله ، ففرع لأمته وزمانه هذه الهبة العظيمة كلمات ومعاني قل وندر أن يعطى مثليها .
6ـ قوله : (( علمني رسول الله (ص) ألف باب من العلم ، كل باب يفتح ألف باب )) .
وهنا ليس فقط ألف .. فالألف هنا كنابة عن الكثرة الكاثرة .. فهو تعلم علوماً لا محدودة ، ويفتح للدخول إليها أبواب لا معدودة .
7ـ قوله في النهج الخطبة رقم 5 : (( ... بل اندمجت على مكنون علم ، لو بحتُ به ؛ لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة )) .
اندمجت : انطويت .
الأرشية : جمع رشاء وهي الحبل .
الطوي : جمع طوية وهي البئر .
وهنا يصف علمه الدقيق لقومه بأنه لو باح به بأسراره وخفاياه وأنواعه ومستوياته لاضطربت الأفهام والعقول من حوله ، وشبه هذا الاضطراب مثلما يتساقط بقهوة هائلة الحبل في قعر البئر .
8ـ وقوله في النهج الخطبة رقم 128 : (( يا أخا كلب ، ليس هو بعلم غيب ، وإنما هو تعلم من ذي علم )) .
يشير هنا إلى خصوصية علمه وغيبه أنه تعلمه من لسان النبوة ، ووحي الله .
9ـ قال الإمام الصادق (ع) عن الأئمة : (( جعلهم الله حياة للأنام ، ومصابيح للظلام ، ومفاتيح للكلام )) الكافي 1/204 .
10 ـ قال الإمام الهادي (ع) : (( نحن الكلمات التي لا تنفد )) .

نكتفي بهذا القدر .
ولقد كنا نرمي من سرد هذا الأحاديث إلى إعطاء صورة أساسية ، وخلفية مضيئة ، نعتمدها حينما نطوف حول كلام الأمير (ع) .. فهذه الشخصية ليست كأي شخصية حينما نتساقى رواءها وشذاها .
وهذه بحد ذاتها ستساعدنا في رد الشبهات والإشكالات الهزيلة ، والتي أثيرت على علي ( ع) في علمه ومكانته وكلامه وبلاغته ؛ وهذه التهم والتي تلبست بالاختباء لتتهم الشريف ، لكنها تتهم الأمير في المقام الأول ، لأن الشريف جامع وناقل في نهجه .

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة

وأول الغيث قطرة ....

# # #

وفي الحلقة الآتية إن شاء الله سينصب حديثنا عن الشريف الرضي ومكانته ومنهجية جمعه للنهج ، وماذا جاء في مقدمته و طريقة جمعه ومصادره ، وما قيل عن النهج من شهادات وذلك تمهيداً لموضوع الشبهات المثارة ضد النهج وجامعه .

ابن المقرب

 

 

[ابن الشهيد]

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهك وألعن أعدائهم

قد عدت يابن المقرب والعود أحمد

شكرا لك هانحن على ضفافك نتظر نوالك

أكمل كمل الله لك دينك وتمم الله لك عقلك فجميل بوحك ورائع قلمك .

 

 

[zainab]

عدتَ والعود أحمد ..

دعواتي لكم بالموفقي ة والسداد ..


مازلتُ أتابع ..

 

 

[ابن المقرب]

الحلقة الرابعة

من هو الشريف الرضي ؟
وماذا جاء في مقدمته ؟
وما منهجية جمعه لنهج البلاغة ؟

# ترجمة موجزة عن الشريف الرضي :
ـ الشريف الرضي الملقب بأبي الحسن هو : محمد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم ابن الإمام موسى الكاظم (ع) . فنسبه شريف وعالٍ فالإمام الكاظم (ع) يكون جده السادس .
ـ وأمه هي : السيدة فاطمة بنت الحسين بن الحسن الأطروش بن علي بن الحسن بن علي بن عمر ابن الإمام علي بن أبي طالب (ع) .
ـ ولد سنة 359 هـ ، وتوفي في 6/1/406هـ ودفن بكربلاء .
ـ أما والده : فلقد كان عظيم المنزلة والعلم في الدولتين العباسية والبويهية ، لقب بالطاهر الأوحد ، وولي نقابة الطالبيين خمس مرات ، وله خدمات للمذهب ، ولقد رثاه كثير من الشعراء كابنه المرتضى والرضي ، ومهيار الديلمي ، وأبو العلاء المعري . ولقد ورث الشريف النقابة عن أبيه .
ينقل صاحب الغدير الأميني ، قصة رؤيا الشيخ المفيد حينما رأى السيدة الزهراء في المنام أنها أتت بابنيها الحسنين ، وسلمتهما له ، وقالت : علمهما الفقه ، فانتبه متعجباً ، وحين النهار ، جاءته فاطمة بنت الناصر ( أم الشريف الرضي والمرتضى ) وقالت له بعد سلمت له ابنيها الشريفين : علمهما الفقه !!!
فتبين للشيخ المفيد علو مقام هذين الصبيين وأن ورائهما مستقبل باهر في العلم والأدب .

# ولقد تتلمذ الشريف الرضي على أساتذة ، منهم :
1ـ المرزبان السيرافي .
2ـ ابن نباتة .
3ـ الحسن الفارسي النحوي .
4ـ محمد المرزباني .
5ـ هارون التلعكبري .
6ـ عثمان ابن جني الموصلي .
7ـ الشيخ المفيد محمد بن نعمان .
وكان ممن تخرج على يده : شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، ويكفيه بذلك فخراً .
# ألف عن حياة الشريف الكثير ، مثل ما كتبه :
1ـ الشيخ عبد الحسين الحلي النجفي في مقدمة تفسيره ( تأويل القرآن في متشابه التنزيل )
2ـ زكي مبارك ( عبقرية الشريف الرضي ) .
3ـ الشيخ محمد رضا ابن الشيخ الهادي الكاشف الغطاء
4ـ محمد هادي الأميني .
5ـ الدكتور محفوظ .
6ـ الشيخ عبد الحسين الأميني صاحب الغدير ... وغيرهم .

# مؤلفات الشريف الرضي :
1ـ نهج البلاغة ( مختارات من الخطب والرسائل والحكم لأمير المؤمنين (ع)) .
2ـ خصائص الأئمة .
3ـ المجازات النبوية .
4ـ حقائق التأويل في متشابه التنزيل ( وقد عثر على الجزء الخامس فقط !!!) ويحتمل العلماء أن هذا التفسير ربما يقارب الثلاثين مجلداً .
5ـ تلخيص البيان في مجازات القرآن .
6ـ الديوان المطبوع من مجلدين .
... وغيرها .
وللأسف فإن الغالب الأعظم من نتاجاته لم يصل إلينا ، ونجهل الأسباب التي حالت دون وصولها ، فتفسيره الذي ربما يربو على ثلاثين مجلداً ، والذي حصل منه المحققون فقط على الجزء الخامس يعد خسارة كبيرة في عالم التفسير واللغة والعلوم والمباحث المتنوعة ، وكذا نتاجاته النثرية والمراسلات والمختارات الأخرى .
وبنظرة متفحصة تعد كتبه الثلاثة ( المجازات النبوية ، وتلخيص البيان في مجازات القرآن ، ونهج البلاغة ) مشروعاً ضخماً في تأسيس البلاغة العربية عبر أعمدتها الثلاثة ( القرآن ، والحديث النبوي ، والبيان العلوي ) فهذه الأوتاد هي مشعل اللغة والبلاغة العربية . وهذا يعتبر مؤشراً قوياً على ذائقة الشريف ومتانته العلمية في هذا الفن ، لأنه أرسى قواعده قبل أن تظهر بوادر فن البلاغة على يد مؤسسيه في القرن السادس والسابع تقريباً ..
وبعد السيرة الموجزة ، ننقل الآن بعض الاقتباسات لبيان علو قدره وعلمه وأدبه .

# شهادات من العلماء برفعة الشريف علماً وأدباً :
1ـ قال الشيخ الأميني في الغدير عن الشريف الرضي :
(( وسيدنا الشريف الرضي مفخرة من مفاخر العترة الطاهرة ، وإمام من أئمة العلم والحديث والأدب ))
2ـ وقال ابن أبي الحديد في شرحه المشهور :
(( حفظ الرضي القرىن بعد أن جاوز الثلاثين سنة في مدة يسيرة ، وعرف في الفقه والفرائض طرفاً قوياً ، وكان عالماً أديباً ، وشاعراً مفلقاً ، فصيح النظم ، ضخم الألفاظ ، قادراً على القريض ، متصرفاً في فنونه ( ... ) وكان عفيفاً شريف النفس ، عالي الهمة ، ملتزماً بالدين وقوانينه ... )) .
3ـ وقال الثعالبي :
(( هو اليوم أبدع الزمان ، وأنجب سادة العراق ، يتحلى مع محتده الشريف ، ومفخره المنيف ، بأدب ظاهر ، وفضل باهر ، حظ من جميع المحاسن وافر )) الديوان 1/42 .
4ـ وقال ابن الجوزي في المنتظم :
(( كان الرضي نقيب الطالبيين ببغداد ، حفظ القرآن في مدة يسيرة بعد أن جاوز ثلاثين سنة ، وعرف من الفقه والفرائض طرفاً قوياًُ وكان عالماً فاضلاً شاعراً مترسلاً ، عفيفاً ، عالي الهمة ، متديناً )) 15/115 .

# ماذا جاء في مقدمة الشريف الرضي ، وما منهجية جمعه ؟
إن الرجوع لمقدمة الشريف لهو من الأمر المهم لاستجلاء أمور كثيرة مرتبطة بمنهج جمعه ، وطريقة اختياره ، ولحل كثير من الشبهات التي أثير غبارها على النهج وكلام الأمير ، فالمقدمة تمثل البوابة لمن أراد الدخول في معترك الكتاب وساحاته .
وحين نرجع لمقدمته نجد أن هناك نقاطاً حوتها هذه المقدمة الموجزة على النحو التالي :
1ـ سبب تأليف نهج البلاغة .
فقد أوضح الشريف أنه سبق وقد ألف كتاباً عن خصائص الأئمة في أقوالهم وأفعالهم ، فلما كتب عن حكم الإمام علي وأمثاله ، وآدابه ، استحسن مجموعة من أصدقائه أن يؤلف كتاباً خاصاً ببيان أمير المؤمنين وكلامه ، فانقطع عن الكتاب السابق ، وأخذ يشرع في تجميع مختارات من كلامه .
2ـ تحدث الشريف في مقدمته بثناء أدبي على خطب الأمير ، وأثر بلاغته على كل أديب وشاعر وخطيب وعالم ، فهو (( مشرع الفصاحة وموردها ، ومنشأ البلاغة ومولدها ، ومنه عليه السلام ظهر مكنونها [ مخزونها ] وعنه أخذت قوانينها ، وعلى أمثلته حذا كل قائل خطيب ، وبكلامه استعان كل واعظ بليغ . ومع ذلك فقد سبق [ أي الأمير ] وقصروا ، وتقدم وتأخروا ، ولأن كلامه عليه السلام الكلام الذي عليه مسحة من العلم الإلهي ، وفيه عبقة من الكلام النبوي )) .
وهنا يشير الشريف إلى منهل بلاغة وبيان الإمام أنه لم يكن إلا ومكملاً وشارحاً للبيان القرآني والنبوي .
3ـ تفرد الأمير بالبلاغة ، فلقد (( انفرد ببلوغ غايتها عن جميع السلف الأولين الذين إنما يؤثر عنهم ، منها القليل النادر ، والشاذ الشارد ، وأما كلامه فهو من البحر الذي لا يساجل [ لا يغالب في الامتلاء ]، والجم الذي لا يحافل [ لا يغالب في الكثرة ] )) .
4ـ تقسيم كلام الأمير في نهج البلاغة .
(( ورأيت كلامه عليه السلام ، يدور على أقطاب ثلاثة :
أولها : الخطب والأوامر .
وثانيها : الكتب والرسائل .
وثالثها : الحم والمواعظ .
فأجمعت بتوفيق الله تعالى على الابتداء باختيار محاسن الخطب ، ثم محاسن الكتب باباً ، ومفصلاً فيه أوراقاً ، لتكون مقدمة لاستدراك ما عساه يشذ عني عاجلاً ، ويقع إليّ آجلاً ( ... ) وربما جاء فيما اختاره من ذلك فصول غير متسقة ، ومحاسن غير منتظمة ، لأني أورد النكت واللمع ، ولا أقصد التتالي والنسق )) .
وهذا المقطع يبين عظيم منزلة الشريف في البحث والتأليف والمنهج ، فهو قد قسم كلام الأمير ناظراً لأغراضه وأشكاله ؛ وإن كان هذا التقسيم لا يشمل كل ما ورد عن الأمير ، فهناك الأحاديث والحوارات والمحاجات ، والأدعية ، ... وغيرها ، لم تكن بحجم ما أورده الشريف في تقسيمه .
والجهة الأخرى أن الشريف اختار محاسن ولم يكن بصدد أيراد كل ما قاله الأمير ، وكان هذا الجهد ( مقدمة لاستدراك ما يشذ عاجلاً ويقع آجلاً ) على حد تعبيره ، وهو بعمله هذا إنما يريد فتح باب التأليف عن بلاغة الأمير وبيانه ، ويقر أنه لم يجمع كل ما قاله وما نسب إليه .
وأخيراً :
أوضح للقارىء أنه ربما تقع عيناه عن خطب أو رسائل غير متسقة ، ومتقطعة ، وغير منتظمة ، فأوضح إلى أن السبب هو منهجيته في اختيار المحاسن ، فكأن النهج باقة عطرة ، ومن كل حديقة زهرة .
5ـ أوضح الشريف في مقدمته عجائبه في حديث الزهد والمواعظ ، وتميز الأمير في هذين الجانبين ، فلقد فصل وأجمل ، وأثر وقرر .
6ـ أشار إلى بعض الاختلافات في الروايات التي أخذ عنها الشريف أثناء تجميعه ونقله من المصادر ، وكذلك التكرار في بعض الألفاظ والمعاني .
وهنا يتضح دقة أمانته وصدقه العلمي ، ونزاهته وتثبته ، فهو لم يأتي بشيء من عنده – كما يتهمه بذلك الذين أوردوا الشبهات – بل نقل من المصادر الموجودة عنده وعند مكتبة أخيه الشريف المرتضى ، والتي قال عنها صاحب الغدير أنها حولت ما يربو على (80) ألف مجلداًَ .
7ـ أوضح الشريف في المقدمة أنه لم يحط بجميع كلام الأمير .
8ـ أخيراًُ أوضح في المقدمة سبب تسمية الكتاب بـ(نهج البلاغة) فهو(( يفتح للناظر فيه أبوابها [ يعني بذلك البلاغة ] ، ويقرب عليها طلابها ، فيه حاجة العالم والمتعلم ، وبغية البليغ والزاهد ، ويمضي في أثنائه من الكلام في التوحيد والعدل ، وتنزيه الله سبحانه وتعالى عن شبه الخلق ، ما هو بلال كل غلة ، وجلاء كل شبهة ))
وهنا يبين بعضاً من سمات ما جمعه ، والأثر الذي يتركه على كل متبصر وقارىء ومتأمل .

# وقفة مع تسمية الشريف ما جمعه بـ(نهج البلاغة) :
لماذا اختار الشريف هذا الاسم ؟
( النهج ) في اللغة : الطريق البيّن الواضح ، أو الطريق المستقيم .
والبلاغة في اللغة : حسن البيان وقوة التأثير .
وقد قسمها علماء البلاغة إلى ثلاثة علوم : علم المعاني ، علم البيان ، علم البديع .
وقد عرف البلاغيون القدماء ، البلاغة بـ( مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته ) .
لكن هذا التعريف لا يفي بالغرض ، لأنه ركز على دلالة كل كلمة ومعناه بحسب حال المتحدث ، ثم اشترط فصاحة اللفظ .
ومن المعروف أن الفصاحة هي للفظ من حيث استعمال الألفاظ اللغوية الصحيحة العربية نحوياً ومعجمياً وصوتياً ، وتنسيق أصوات حروف الكلمات والجمل ، وتتاليها .
أما البلاغة فهي مرتبطة بالدرجة الأولى في المعنى ، ومن ثم تصويره بالألفاظ المناسبة والتي تؤدي الغرض البلاغي للمخاطب .
والبلاغة ليست اختيار كل كلمة للمعنى المطلوب فقط ، بل تصوير المعنى والغاية التي يريدها المتحدث بأحسن أسلوب ، وأبلغ تصوير ، وأعمق أثر للسامع والقارىء ، وهو بهذا يعمق مستوى اللغة والمفردات ويستجلي استعمالات إبداعية بين اللفظ والمعنى عن طريق توظيف أقسام العلوم الثلاثة البلاغية في اللفظ والمعنى .
ـ سئل احد البلغاء ، ما البلاغة ؟ فقال : قليل يفهم ، وكثير لا يسام .
ـ وسئل آخر ، فقال : معان كثيرة في ألفاظ قليلة .
ـ وقال خلف الأحمر : البلاغة لمحة دالة .
ـ وقال الخليل بن أحمد : البلاغة كلمة تكشف عن البقية
وقد عد كثير من البلاغين أن البليغ حينما يسحن استعمال المجاز والكناية والاستعارة والإيجاز وغيرها من أقسام علومه فإنه يعد بجدارة أحد البلغاء المبدعين
إذن كانت التسمية ليست عبطاً ، بل دقيقة وفي مكانها الصحيح ، فكلام الأمير لهو بحق الطريق الأوضح للبلاغة العربية بعد القرآن والكلام النبوي الشريف ، وهو بحق منار السالكين ، وطريق البلغاء المستقيم .
وإلى حلقة مقبلة إن شاء الله عن مصادر النهج المدونة وغير المدونة .

ابن المقرب

 

 

[zainab]

جزاكم الله خيراً

 

 

[ابن المقرب]

تحية طيبة للأعضاء المتابعين
أود إلفات النظر للأخوة
بأن تتمة الحلقات متوفرة لدي
منذ إسبوعين تقريباً
فلقد أنجزت ولله الحمد خمس حلقات
على ما عرض سابقاً أي من الحلقة الخامسة حتى التاسعة
وأعمل في إكمال البقية بعون الله ..
لكن وبسبب خلل فني في الجهاز
وعطل صار هذا التأخير في إلحاق الحلقات
وأرجو حين تعديل الخلل
أن أوافيكم بالحلقات تباعاً
مع الاعتذار الشديد للأخوة
ابن المقرب

 

 

[ابن المقرب]

حالياً تتوفر لدي الحلقة الخامسة

وكما وعدت الأخوة سألحق ما تبقى من الحلقات

بعد إصلاح العطل والخلل في الجهاز

# # #

الحلقة الخامسة

نهج البلاغة ذلك الكنز الثمين

# مصادره المدونة في النهج ، وأسانيده :
أحصى الباحثون المتتبعون بعضاً من مصادر الشريف ، والتي أوردها في النهج ، عند ذيل بعض الخطب ، وهي :
1ـ البيان والتبيين للجاحظ .
2ـ المقتضب للمبرد .
3ـ المغازي لسعيد بن يحيى الأموي .
4ـ الجمل للواقدي .
5ـ المقامات في مناقب أمير المؤمنين لأبي جعفر الأسكافي .
6ـ تاريخ ابن جرير الطبري .
7ـ حكاية أبي جعفر محمد بن علي الباقر (ع) .
8ـ رواية اليماني عن ابن قتيبة .
9ـ ما وجد بخط هشام الكلبي .
10ـ خبر ضرار بن حمزة الضبابي .
11ـ رواية أبي جحيفة السوائي من أصحاب علي ت 75 هـ ، وهو رئيس شرطته وصاحب بيت ماله .
12ـ حكاية ثعلب الشيباني أحمد بن يحيى ت 291هـ عن ابن الأعرابي .
13ـ رواية كميل بن زياد النخعي .
14ـ رواية مسعدة بن صدقة لخطبة الأشباح عن الصادق .
15ـ رواية نوف بن فضالة البكالي الحميري ، من أصحاب الإمام علي (ع) . ت 90 هـ أو 100 هـ
16 ـ إصلاح المنطق لابن السكيت ت224هـ .
17ـ رواية ضرار بن ضمرة من خواص الإمام علي (ع) وربما يكون هذا هو نفسه رقم (10) .
18ـ رواية ذعلب اليماني من أصحاب الإمام علي (ع)
19ـ رواية ابن صدقة العبدي أحد معاصري الإمامين الصادقين ، وله كتاب (خطب أمير المؤمنين ) .
... وغيرها من المصادر غير المدونة والتي يحتمل أن الشريف قد نقل منها ولم يذكرها ، لأنه كان بصدد تجميع واختيار ، لا تحقيق ودراسة سند ومضمون .

# كتب ألفت خصيصاً لكلام الإمام علي (ع) ما قبل الشريف ، وبعده :
لم يكن الشريف الرضي هو أول من ألف في هذا الجانب ، فلقد كان علماء مبهورين ومسحورين ببيان الأمير في عهده وفي العصور التي أتت بعده ، وهم بذلك يثبتون للمسلمين أجمع أن الأمير كان متميزاً ومتفرداً بجدارة في هذا المجال ، وأن ليس هناك من نافسه وسبقه في ذلك ، غير بيان القرآن والبيان النبوي الشريف ، وقد أثبت لنا العلماء والمحققون بعضاً من هذه المؤلفات والتي في الغالب اندثرت ، ولم يوجد لها أثراً ، ويحتمل العلماء أن الشريف قد توفرت له من هذه المصادر فنقل منها .
1ـ نقل المؤرخ المسعودي ت 346هـ : (( والذي حفظ الناس من خطبه في سائر مقاماته أربعمائة ونيف وثمانون خطبة )) مروج الذهب 2 / 431 .
وقد نقل السبط ابن الجوزي في التذكرة عن الشريف المرتضى أخ الشريف الرضي قوله :
وقع إلي من خطب أمير المؤمنين (ع) 400 خطبة ! .
هذا يعني أن الشريف قد اخذ منها محاسنه ومختاراته كما وقد مر بنا في تحليل مقدمته .
والموجود في النهج 239 خطبة فقط ، غير الرسائل والكتب والحكم والأمثال ، فمعنى ذلك أن ضعف ما في النهج وأكثر لم يورد في النهج ، وحتى الهادي الكاشف الغطاء والذي استدرك على ما في النهج لم يورد إلا ( 91 ) خطبة فقط ، وبعضها موجود في النهج لكن بلفظ مختلف أو أقصر .
هذا يعني لو جمعنا ما في النهج والمستدرك أن ما يقارب من الثلاثمائة وأكثر بقليل هو موجود لدينا الآن ، وأكثر من مائة وخمسين خطبة لا يوجد لها أثراً !!!
ولو قمنا بعمل حساب متوسط ومقارنة بين عمر الإمام الذي عاشه ، وبين الأعياد والجمع وبعض المناسبات والتي يفترض ان يتحفنا فيها بخطاباته ، لعلمنا أن قرابة الخمسمائة والتي ذكرها المسعودي ، وهو يعني المشهورة لا تمثل إلا تقريباً ثلثاً من العدد المتوسط والذي يفترض أن يصلنا ، فلو أننا احتسبنا فترة وفاة النبي (ص) إلى حين استشهاده ، وهي قرابة الثلاثين سنة .
فلو افترضنا أن كل سنة يقول فيها 50 خطبة للجمع والأعياد ، فمعنى ذلك أن عدد الخطب يكون 1500 خطبة ، هذا غير المناسبات الأخرى كالحروب وغيرها
2ـ ذكر منها النجاشي والطوسي في الفهرست بعضاً من هذه المصادر قبل الشريف ، منها :
1ـ خطب علي : أبو إسحاق إبراهيم بن الحكم بن ظهير الخرازي الكوفي ، وهو من المفسرين ت 128هـ .
2ـ كتاب الخطب : أبو إسحاق بن إبراهيم بن سليمان بن عبد الله بن خالد النهمي ، القرن الثاني .
3ـ كتاب رسائل علي وحروبه : أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي الكوفي . ت 283 هـ وله كتابات آخران يختمل انهما عن خطب الإمام علي .
4ـ خطب أمير المؤمنين : أبو يعقوب إسماعيل بن مهران بن محمد السكوني الكوفي . من أصحاب الإمام الرضا ، وله أيضاً كتاب الملاحم . ت بعد 148هـ .
5ـ خطب أمير المؤمنين على المنابر في الجمع والأعياد : زيد بن وهب الجهني الكوفي . ت 96هـ .
6ـ خطب أمير المؤمنين : أبو الخير صالح بن أبي حماد الرازي . ت بعد 214هـ . وهو من أصحاب الإمام العسكري .
7ـ خطب علي : أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي الأزدي البصري ت 332 هـ ، وله 8 كتب أخرى في كلام علي ومواعظه وأدبه .
8ـ خطب أمير المؤمنين : أبو بشر ( أبو محمد ) مسعدة بن صدقة العبدي الكوفي الراوي عن الإمام الكاظم ت 183هـ .
9ـ خطب وكتب أمير المؤمنين علي (ع) : أبو المفضل مضر بن مزاحم المنقري الكوفي العطار ت 212 هـ .
10ـ خطب علي (ع) : أبو منذر هشام بن محمد السائب الكلبي ت 206هـ . وكان والد هذا المؤلف من أصحاب الإمام الباقر والصادق (ع) ، وجده السائب مم شهد صفين والجمل مع أخويه عبيد وعبد الرحمن .
11ـ خطب علي وكتبه إلى عماله لأبي الحسن علي بن محمد المدائني ت 225 هـ
12ـ خطب لأمير المؤمنين : لأبي هشام عبد العظيم بن الحسن ت 252 .
13ـ الخطب لأمير المؤمنين لأبي إسحاق .
14ـ خطب أمير المؤمنين صالح أبي حماد الرازي ، وقد لقي الإمام الجواد والعسكريين .
15ـ خطب أمير المؤمنين المروية عن الإمام الصادق ت 148هـ .
16ـ خطب أمير المؤمنين برواية محمد الواقدي . ت 207هـ .
17ـ كتاب الخطب لمحمد بن عيسى الأشعري القمي ، من معاصري الإمام الرضا والجواد ، ويرجح أن تكون هذه الخطب لأمير المؤمنين .
18ـ مائة كلمة من كلام أمير المؤمنين ، جمع الجاحظ ت 257هـ .
19ـ كتاب أبو العباس يعقوب الصيمري ، ذكره الشارح ابن أبي الحديد ، وقد ذكر المحقق عبد الله نعمة أنه لم يعثر على ترجمة له ولم يعرف عصره .
20ـ كتاب الخطبة الزهراء لأمير المؤمنين ، لأبي مخنف ت158هـ ، ورواها الطوسي بسنده ، وأورد الخطبة ابن عبد ربه في العقد الفريد ج 2 ص 136 .
21ـ خطب أمير المؤمنين (ع) مع شرجها لأبي حنيفة النعمان المصري ت 363هـ .
22ـ كتاب خطب علي لنصر بن مزاحم ت 212هـ
... وغيرها من الكتب التي لم يذكرها المؤرخين والمحققون .
وقد شمّر العلماء سواعدهم للدفاع عن هذا الكنز الثمين ، والدفاع عن علو ومقام الشريف ، وهذا الدفاع في الدرجة الأولى عن مكانة الأمير وبلاغته ..
فكان من أوسع وأروع ما ألف هو العلامة المحقق السيد عبد الزهراء الخطيب ( مصادر نهج البلاغة وأسانيده ) في أربع مجلدات كبيرة ، فلقد أحصى (114) مصدراً ، ، وهناك أكثر من ( 20 ) مصدراً وضعه علماء عاشوا قبل الشريف الرضي ، وقد استفاد الشريف (15) مصدراً منها .
وأخذ يتتبع مصادر كل خطبة ، مع اختلاف الألفاظ والطرق ، فأوضح وبين ، ودقق ، وتابع .. فسد ثغراً كبيراً في هذا الجانب .
ولم يكن الشريف بدعاً في تأليفه عن كلام الأمير ، فلقد سبقه أوائل وعلماء ، ذكرتهم المصادر والكتب ، كان الأغلب من هذه الكتب اندثر ولم يصلنا ، وبعضها موجود بين أيدينا ، وقد تتبع كثير من الباحثين هذه المدونات والمصادر ، فمنها ما كان قبل عصر الشريف ، ومنها ما عاصر الشريف ، ومنها ما دون بعد الشريف حتى يومنا هذا .
ويعتقد كثير من العلماء والمحققون بأن الشريف توفرت لديه في ذلك الوقت مصادر كثيرة ، ولكن لسباب قد تكون هذه المصادر ضاعت أو تلفت أو اندثرت مع مرور السنين ، وقد عد الشيخ عبد الله نعمة كثير من الكتب التي نقل عنها الشريف ، منها : مؤلفات الجاحظ ، وأبو علي القالي ، وابن قتيبة ، والمفيد ، وابن شعبة الحراني ، والمبرد ، وأبو حيان التوحيدي ، وأبو هلال العسكري ، وابن عبد ربه الأندلسي ، والقيرواني ، والصدوق ، والكليني ... وغيرهم ممن اشتهروا بنقل الأمثال والحكم والأحاديث والخطب في كتبهم آنذاك ، وهذا دليل على شيوع حفظة الخطب وكتبتهم .
وقد عد المحقق عبد الله نعمة (29) مصدراً مسنوداً غير نهج البلاغة مصدراً للخطب والرسائل والحكم .
وقد عد (17) كتاباً وملاحم قبل عصر الشريف الرضي ، وغالبها اندثر .
ومما وضعه العلماء خصيصاً لخطب أمير المؤمنين وأحاديثه وحكمه ورسائله ، والمتوفرة بين أيدينا إلى الآن ، نختار منها :
1ـ كتب الحديث بشكل عام ، كالكتب الأربعة وغيرها من الكتب الموضوعة في حفظ أحاديث أهل البيت (ع)
2ـ تحف العقول لابن شعبة الحراني ( لم يعثر المحققون على تاريخ دقيق بولادته ووفاته ، إلا أنه من معاصري الشيخ الصدوق ت 381هـ ، وقد اخذ عنه الشيخ المفيد ت 413هـ ، فهو من علماء القرن الرابع ) . وقد خصص (160) صفحة لأمير المؤمنين (ع) حسب النسخة المطبوعة السادسة 1417هـ .
3ـ الاحتجاج للطبرسي من علماء
3ـ الكتب التي تحدثت عن سيرته وفضائله ، وهي كثيرة جداً من القديم والحديث ، وكذلك الدراسات العلمية والتاريخية والأدبية سواء ما اختصت بالنهج أو توسعت لحياته وشخصيته .
4ـ غرر الحكم ودرر الكلم ( كلمات وحكم الأمير القصيرة ) لعبد الواحد الآمدي التميمي من علماء القرن الخامس ( جزآن ) .
5ـ عيون الحكم والمواعظ ( على غرار الكتاب السابق ) للشيخ كافي الدين أبي الحسن علي بن محمد الليثي الواسطي من علماء القرن السادس .
6ـ موسوعة ميزان الحكمة للريشهري ، ففيها الأحاديث الكثيرة المروية عن الإمام علي (ع) ومصنفة تصنيفاً موضوعياً .
7ـ مستدرك نهج البلاغة للهادي كاشف الغطاء ، وقد استدرك 91 خطبة ، و 151 رسالة وكتاباً ، وعدد كثير من الحكم والأحاديث القصيرة المنسوبة .
8ـ شروح نهج البلاغة ، حيث تجد مرويات كثيرة عن الإمام علي(ع) تكشف عن معاني نصوص نهج البلاغة أو تتحدث عن موضوعات أخرى ، فعلى سبيل المثال :
ـ استدرك ابن أبي الحديد قرابة الألف حكمة وأحاديث قصيرة منسوبة للإمام علي (ع) في آخر مجلد من موسوعته .
ـ استدرك المحقق التستري في موسوعته الموضوعية المتكونة من (14) مجلداً في شرح النهج ، والمسماة ( بهج الصباغة) خطباً وأحاديث كثيرة أرفقها حسب كل موضوع .
لكن صار السبق للشريف لتميز مؤلفه وغنى محتواه ، ولاحتفاء العلماء والباحثين والدارسين واعتكافهم الذي قل نظيره على مؤلفه شرحاً وتعليقاً ودراسة .
1ـ ذكر صاحب الذريعة للمحدث الطهراني (140) شرحاً للنهج ، وأحصى منها 16 شرحاً لعلماء العامة ، منها شرح الفخر الرازي ت606هـ .
2ـ ذكر الشيخ عبد الحسين الأميني في كتاب الغدير ما يقارب من (80) كتاباً شرحاً للنهج أو ترجمة أو بحثاً .
ولا نريد ذكرها كي لا يطول بنا المقام كثيراً ، وسنكتفي بذكر بعضها ، فمن الشروح القديمة التي ذكرها :
ـ أعلام نهج البلاغة لعلي بن الناصر وهو من معاصري الشريف الرضي .
ـ أحمد بن محمد الوبري من أعلام القرن الخامس .
ـ ضياء الدين الراوندي علق عليه سنة 511 هـ .
ـ معارج نهج البلاغة لأبي الحسن علي بن أبي القاسم ت 565 هـ .
ـ منهاج البراعة لسعيد بن الراوندي من أعلام القرن السادس . ت 573هـ .
ـ حدائق الحقائق لأبي الحسين محمد بن الحسين البيهقي النيسابوري ألفه في 576هـ .
ـ شرح أبو حامد عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد من القرن السابع .
ـ شرح كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني من القرن السابع . ت 679هـ .
ـ فضل الله الراوندي .
ـ القاضي عبد الجبار .
ـ تلخيص شرح ابن أبي الحديد المعتزلي المشهور لمحمود الطبسي .
ـ وتلخيص آخر لفخر الدين عبد الله المؤيد سماه (العقد النضيد) وهو موجود في نسخة ابن أبي الحديد .
ـ جمال الدين الحسن بن يوسف الحلي .
ـ كمال الدين بن عبد الرحمن الحلي ، في 4 مجلدات
4ـ كما وذكر عبد الزهراء الخطيب أكثر من (100) ما بين شرح وتفسير وترجمة .
5ـ وذكرت مصادر (370) كتاباً في هذا الجانب كما ذكر عبد الله نعمة .
6ـ وفي يومنا هذا ربما جاوزت (500) ما بين ترجمة وكتاب وشرح وتعليق ودراسة ، ومن الشروح العصرية ، وأشهرها :
ـ ( بهج الصباغة ) للمحقق التستري (14) مجلداً ،
ـ ( منهاج البراعة ) للشيخ حبيب الله الخوئي (22) مجلداً .
ـ شرح الشيخ محمد جواد مغنية (5 مجلدات ) .
ـ شرح السيد عباس لموسوي
ـ (نفحات الولاية ) للشيخ ناصر مكارم الشيرازي ( شرح الخطب فقط ) مع مجموعة من العلماء (5 مجلدات ) والشروح الثلاثة الأخيرة من الشروح الميسرة والمبسطة والمختصرة وضعت خصيصاً للشباب .

ابن المقرب

 

 

[zainab]

..

مجرد تسجيل حضور ..


لي عودة .. لأتعمق أكثر بين السطور ..


جوزيتم خيراً