العودة   منتديات الطرف > الواحات الأدبية > همس القـوافي وعذب الكلام




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 10-02-2009, 11:38 PM   رقم المشاركة : 1
ابن المقرب
كاتب قدير







افتراضي كيف تتفجر الشاعرية ( حلقات ) ؟

كيف تتفجر الشاعرية ؟

هل الشعر لمن يكتبه فقط ؟
أو هو لمن يقرأه ويتذوقه وإن كان قد حرم من كتابته ؟
هل الشعر قدر مخصص لمجموعة من الناس أم ماذا ؟
هل الشعر عبارة عن كلمات تخرج وتقيد بأوزان وإيقاعات منتظمة ، أو قوافٍ متناسقة ؟
الشعر في أبسط معانيه ومفاهيمه .. هو التعبير اللغوي الجمالي عن حالة شعورية ، أو ذهنية ( حلمية ، تأملية ، ... ) ..
وبهذا المفهوم البسيط يصبح كل كائن حي على وجه هذه الأرض ، هو شاعر بالاستعداد والقابلية .. وتتميز فئة عن الآخرين بامتلاكها لفارق نوعي في جانب الرؤية الذهنية الإبداعية ، وجانب التعبير اللغوي والجمالي ، وجانب التجربة الشعورية اللغوية معاً ..
أي أن الشاعر : هو لسان حال الجماعة ، أو لسان حال كل فرد ؛ لأنه استطاع بجدارة التعبير عما يكتنزه من مشاعر وأفكار في قالب مصاغ بفنية وجمالية رائعة ( وكأنه يريد التعبير عما ما يدور في ذهنك أو ما تريد قوله ؛ لكنك تعجز ) ..
بهذا التبسيط .. يصبح كل فرد – كما قلنا – شاعر .. بتذوقه .. بتأمله .. بحلمه .. بتأجج عواطفه .. بتجاربه الكتابية ( ولو كانت خربشات وعبث خاص يركن في الأدراج ) ..
وهي ليست قوانين مرصوصة في ألواح ..
بل قابلية واستعداد فطري
وتحتاج إلى تقوية وتطوير عبر القراءات المكثفة والمتنوعة ..
وإعطاء مجال للذات لتفكر وتتأمل فيما حولها .. وتحلم .. وتعبر عما يجول بخاطرها من عواطف وغموض وقلق ..
وتنافس وتحاور ونشر .. وتخطي المعتاد .. وتجاوز المألوف .. والإبداع المتميز ..
إذن الشاعرية لا تقيدها الأوزان والقوافي .. إنما الشاعرية تسيّر الإيقاع والقوافي في سيلها وانجرافها ..
وإن كان الإيقاع والقافية يحتاجان لحصيلة ومخزون هائلين يتحصل عليهما الأديب بكثرة القراءة والتذوق .. ليكسب مرونة وقوة .. فلا يشكلان بعدها له عائقاً ..
فلنحتفي بالشاعرية في حياتنا .. فهي ما تبقى من جنة عدن فينا .. لا حياة من غير شعور وعواطف وأحلام وتنفيس وتعابير نفسية وروحية وذهنية .. لا حياة .. من غير اكتناز وجداني .. وخيال يجنح بنا لآفاق الروح البعيدة .. وإيقاظ موات نبض قلوبنا ..
إن لم تكن شاعراً بالتعبير .. فلا تحرم نفسك من تذوقه ..
وإن لم تكتبه أو تتذوقه .. فعشه في الحياة .. لتتذوق الطعم بعدها ..
اترك النسيم الشاعري يزور مشاعرك ولو من نوافذها ..
وللحديث بقية ........
ابن المقرب

 

 

 توقيع ابن المقرب :
كيف تتفجر الشاعرية ( حلقات ) ؟
ابن المقرب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-02-2009, 11:03 AM   رقم المشاركة : 2
ابن المقرب
كاتب قدير







افتراضي رد: كيف تتفجر الشاعرية ( حلقات ) ؟

كيف تتفجر الشاعرية ؟


( الحلقة الثانية )

أهلاً مجدداً بكم في الحلقة الثانية .. ولنا هنا وقفة أمام أربعة أسئلة ، وهي :
# كيف تنشأ الشاعرية ؟
الكثير من الشعراء الذين صرحوا ببداياتهم ، قالوا بأن الشعر نزل إليهم إلهاماً كالوحي .. لا يعرفون سبباً أو جهة ما علمتهم ذلك .. الشاعر يشعر منذ صغره بحنينه لسماع الشعر وقوله وتجريبه ، من ثم تتطور لديه القابلية .. قد يكون الظرف العائلي أو الاجتماعي بعيداً كل البعد عن الشاعرية .. لكن الموهبة والفطرة تغلب كل شيء .. إنه يشعر بدغدغة المشاعر .. ويركن للحرف الجمالي .. والتعبير البلاغي المؤنق .. بدون سابق إنذار .. فيجد نفسه مهموماً بالقلق والتفكير والسؤال الجمالي والتعبيري عن الحياة .. ولا يجد إلا القلم فأساً .. والورقة تراباً ليحدث الإخصاب والبذر والسقاء والرعاية .. حتى ينشأ له حديقة في خياله يأنس بها في وحدته وتأمله وانعزاله ..
حاول الدارسون لهذه الظاهرة إيجاد أسباب مقنعة لنشوء هذا التوقد .. لكنهم فوجئوا بأن هذه الموهبة تتوزع دون أسباب وظروف مواتية .. إنه عطاء .. هبة .. عبقرية متميزة ..
وقد فسر القدماء الشعر بأن هناك فئة من الجن تنزل على الشاعر في انعزاله فتخطفه عن الناس .. ويظل الشاعر يحرر ما ينزل عليه ..
لكن التفسير الحديث لهذه الظاهرة .. فسرها بوجود أرضية مناسبة للمشاعر .. وبذكاء عاطفي لغوي جمالي فلسفي يؤرق الذهن والفكر .. فيلجأ الشاعر إلى طريقة معينة توافق بنية عقله وذكائه ..
# هل الشاعرية موهبة ؟ أم اكتساب ؟
نشوء الشاعرية كما قلنا فطري وميل طبعي .. أما كيف ننميها ؟ كيف نسلك بها ؟ كيف نعرف مقدارها ؟ كيف نتواصل مع الذهن العاطفي واللغة الكاتية ؟ فهو دور التعلم والاكتساب والتجرية والخبرة .. فالشاعرية تبدأ موهبة .. ويكمل جمالها بالمران والتجربة وبناء مخزون ثقافي أدبي متنوع ليقف الشاعر متحدياً مع نفسه والحياة واللغة والخيال والذهن والرؤية ليقدم لنا نصاً مبدعاً نأنس بقراءته ومواتيته ..
يفترق هنا الشعراء عن بعضهم بفعل غزارة الموهبة وغزارة التجربة والمخزون ، والتفاعل والتنافس المركز ..
# هل جربت التنفيس والتعبير العاطفي الممزوج بفكرة ؟
الكثير ممن لم يجرب حظه في الكتابة أو القراءة المتذوقة للشعر ، يعجز عن تفسير وقبول هذه الظاهرة ، ولتقريب الفكرة في الذهن .. نقول :
هل جربت يوماً أن تعبّر عما يجول في خاطرك عن أي شعور يخالجك ( فرح ، حزن ، يأس ، قلق ، حلم ، حيرة ..... ) ؟
هل جربت أن تنفس عم همومك وضغوطك بطريقة لغوية كتابية أو شفهية ؟
هل جربت يوماً أن تمزج بين عاطفتك وفكرك لتخرج لنا تعبيراً كتابياً تحكي فيه عن فكرة ملبسة بلون عاطفي متوقد ؟
هذه هي الشاعرية في أبسط مستوياتها ..
ولذلك يبدأ الشعراء موهبتهم عادة .. بخواطر نثرية .. وبعثرات وخربشات من هنا وهناك .. من ثم مع المران والقراءة والجهد ينمو الإيقاع والقافية واللغة الشعرية مع الاهتمام والقابلية ..
إن لم تجرب .. حاول أن تفهم عواطف الآخرين .. وتنغرس فيهم .. انظر للحياة بأشكالها ومستوياتها بعين العاطفة والمشاعر .. جرب ذلك .. ماذا ينتج عندك ؟
جرب أن تتأمل مع ذاتك .. وتتوحد مع نبضات قلبك .. تسمع نبضه فقط .. وتنصت لنداء دواخلك ومشاعرك .. ؟ ماذا ستسمع .. ستسمع الصوت الداخلي يصرخ ويتحدث ويغني .. ويهمهم ويحلم ويتخيل .. ويناقش .. كل ذلك في داخلك .. دون أن تعلم .. جرب أن تخصص لنفسك لحظات حميمية لتعبر لنا شفهياً أو كتابياً عن معاركك داخلك ..
اعتكف مع كتابات شعرية أو نثرية .. وحاول وصف مشاعرك تجاه ما تقرأ .. حاول ولو مرة .. ثم احكم بنفسك ..
# هل أنت ضد العاطفة في الحياة ؟
لو كنت من الذي يرون الحياة بعين العقل والجدية والعمل .. والهمة والنشاط المتواصل .. قف لحظة .. وافتح عين المشاعر .. لتنظر للحياة .. لا تغلق عين العواطف .. بل انظر للحياة بعين العقل والعاطفة معاً .. لا تغلب العقل على العاطفة .. لا تخطىء العاطفيين .. بل جرب أن تنظر بمنظارهم .. حتماً سترى ما كنت لم تره بعين عقلك ..
الحياة تؤخذ بعين العاطفة .. قبل كل شيء .. وإلا كنت أشبه بالآلة العمياء التي تعمل وتعمل دون أن ترى وتحس وتسمع ما يجري حولها وفيها ..
الشاعر هو أمير العاطفة .. أمير الكلام .. أمير التعبير .. أمير الخيال ..
وللحديث بقية .......


ابن المقرب

 

 

 توقيع ابن المقرب :
كيف تتفجر الشاعرية ( حلقات ) ؟
ابن المقرب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-02-2009, 02:02 PM   رقم المشاركة : 3
قيثارة
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية قيثارة
 







افتراضي رد: كيف تتفجر الشاعرية ( حلقات ) ؟

استاذي حلقات رائعه وياما حورب الشعراء من قبل اهلهم واصحابهم بحجه
لمن تكتب فلابد ان يكون هناك من تكتب له ...
اكتب لنفسي ..لروحي .. لقلبي ..لعاطفتي ..

متابعه لدروسك بعمق ..

 

 

 توقيع قيثارة :
محد شرا وناسه خاطري من حلاله ,,
ومحدن كفو يحاسبني على النقص والزود ,,
قيثارة غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 13-02-2009, 04:08 PM   رقم المشاركة : 4
ابن المقرب
كاتب قدير







افتراضي رد: كيف تتفجر الشاعرية ( حلقات ) ؟

كيف تتفجر الشاعرية ؟


( الحلقة الثالثة )

# كيف نخلص الشعر من اللا شعر ؟
هل كل شعر موزون ومقفى نقرؤه ، سواء قديماً أو حديثاً .. هو شعر حقيقي .. بمعنى هل إذا نظم الكلام بوزن وقافية يصح أن نسميه شعراً ؟
في التعريف القديم للشعر تم التركيز على الشيء الظاهري للشعر ، فلقد عرف ابن سلام الشعر بأنه : كل كلام موزون مقفى يطلق عليه شعر .. وقد تفرغ النقاد المحدثين لهذا ، وتم التميز بين الشعر واللا شعر .. فالوزن والقافية ما هما إلا شرطان ظاهريان لا يخلق شعراً .. فالقالب لا يصنع شيئاً لما يحمله ، إنما الأساس ما ورد من كلام (المضمون) هل هو يقترب من الشعرية اللغوية أم لا ؟
بمعنى أن الشعر ( مضمون = معنى + لغة شعرية ) و ( قالب = وزن + قافية (الروي) ) .. فإذا اجتمعت هذه العناصر نطلق عليه شعراً .. أما لو ورد لأي كلام ، فيطلق عليه (نظم) ..
فالفرق بين الشعر والنظم كالتالي :
الشعر : أن يكون المضمون لغة شعرية تستعمل فيها المجاز والاستعارة والصورة الفنية وعناصر بلاغية ، بالإضافة إلى التعبير العاطفي المتميز لكل شاعر .
النظم : أن يورد الشاعر معاني جاهزة وأفكار مرتبة لأي مجال بصورة أوزان وقواف ، مثل منظومة ابن مالك في تعليم النحو ، أو تعليم التجويد ، أو الارتجاز في المعارك ، فقدرة الشاعر اللغوية تجعله متمكناً من نظم أي فكرة بأي وزن وقافية .
ولذلك ينبغي للمتابع أن يميز ما يقرأه هل هو شعر أم لا
وسنعطي مثالين على ذلك :
# المثال الأول : ( الشعر ) /
قال الشاعر محمد العلي في ميلاد الإمام الحسين (ع) :

منحتني ذكراك ألف جناح


فسكبت النجـــوم في أقداحي


وفرجت الزمان عن خشعة الفجر


على مهد الزكي الضاحي


فرأيت النبي يفتض في سمعك


أنوار وحيه النفاح


وعلياً يريك أن قطاف الفتح يشتار


من ليهب الجراح


والبتول انحناءة تنضح الزهو


حييا في هادر الأوضاح


هكذا لحت قمة من كرامات


وموجاً مزمجراً من طماح

ففي هذا المقطع الجميل ، نلاحظ أن الشاعر انطلق من فكرة خيالية تصويرية حيث يشبه بأن الذكرى أعطته ألف جناح ، وهنا نقف عند التعبير ( ألف جناح ) حيث كناية عن الكثرة وأن عطايا الذكرى التي تتجدد بميلاد الإمام لا زالت سخية وكأنها ابنة الساعة ، وحيث أن الذكرى ميعاد لأجراس الانطلاق والحركة ، وترك الجمود والخذلان ، ثم يكمل الصورة حيث يقول ، بأن هذه الأجنحة أخذت تدور وتطير به عالياً حتى أن النجوم سكبها في أقداح الفرح والميلاد ، لاحظ معي دقة التصوير والخيال الواسع ، حيث أضحت النجوم وكأنها خمرة فرح موزعة على صدر الليل ، والأقداح فارغة ، ومتى انطلق الذكرى ، يطير الشاعر ليملأ أقداحه بها ...
ثم يكمل الصورة ، حيث أنه يطل على الزمان ويفتح باب الفجر ، حيث كأنه على موعد مع التاريخ ، وتعيده السنين إلى ذلك المهد الذي يهزه النبي (ص) ، ويسقي مسامعه بالنور الإلهي ، وعلي يصور له بأن الفتح الحقيقي هو من لهب الجراح ، وكأن الفرح هنا يغيب قليلاً ليأتي الشاعر بصورة الثورة والشهادة ، والبتولة في انحناءتها الحنونة ، تنضح ذلك الزهو والاعتزاز في كل وضح ، ويختتم بالكرامة التي هي من مفردات الشهيد الفاتح ، وهذه الكرامة تكون في أكمل رقيها حيث الزمجرة الطموحة .
هل لاحظت كيف يخلق الشاعر الصورة الفنية الخيالية ، ويربط ما بينهما ، ويجعلك تعيش بقوة وجاذبية ؟
هذا ما نعنيه بالشعر هنا .
# المثال الثاني : ( النظم ) /
وفي بيت آخر لاحظ معي كيف تقل نسبة الشعرية :

نعيب زماننا والعيب فينا


وما لزماننا عيب سوانا

إنه موزون .. نعم ، مقفى .. نعم ، فيه معنى .. نعم ، فيه حكمة .. نعم ؛ لكن ما مستوى الشعرية فيه ؟
وهنا المحك .. فالشاعر يقرر هنا مباشرة المعنى الذي يريده فهو يقول بأننا كثيراً ما نعيب الزمان ، لكن لا ننتبه بأن العيب فينا وليس فيما نتهمه ، وهذا المعنى ذو صبغة عقلية منطقية ، لا يقترب من الجانب الخيالي والصوري الشعري ..
وقد نجد مثل هذا البيت الكثير ، حيث تقل نسبة الشعرية ، وترتفع نسبة التقريرية والمباشرة العقلية ..
نعم لو خلصنا الشعر من العناصر التي لا تتصل بالشعرية ، فنحن هنا حافظنا على قيمة الجنس الشعري ، وطورناه ، وهذا ما يجعل كل جيل يطور في مفردة الشعر ، فترى كل جيل يصطبغ بميزات وصفات تختلف عمن قبله ، وقد ترى بعضهم مقلداً ، يحاكي ما عليه الشعر في القدم ، وبعضهم يحاول التطوير وإدخال عناصر وصور وأفكار جديدة ، وهذه الرغبة تأتي من القابلية والإبداع والتجديد وتغير العصر وظروفه ..
فعندما يقف الشاعر الجاهلي في الأطلال ويستعيد الذكريات والحبيبة ثم تمجيد قبيلته وبعض الأغراض كل ذلك في قصيدة واحدة ، وفي المقابل يأتي الشاعر المعاصر ولا يهمه هذا الترتيب ، بل يركز في فكرته وموضوعه ويكون لنا الصورة واحدة ومفردة ... وهكذا ..
....... وللحديث بقية

ابن المقرب

 

 

 توقيع ابن المقرب :
كيف تتفجر الشاعرية ( حلقات ) ؟
ابن المقرب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15-02-2009, 07:25 PM   رقم المشاركة : 5
ابن المقرب
كاتب قدير







افتراضي رد: كيف تتفجر الشاعرية ( حلقات ) ؟

كيف تتفجر الشاعرية ؟


( الحلقة الرابعة )

ملاحظة :
لي رجاء من مشرف منتدى القوافي تثبت هذه الحلقات .
# هل يمكن أن نكون شعراء بغير الشعر ؟
هل بالإمكان أن أكون شاعرياً دون أن أنظم تعبيراتي بالإيقاع والقافية ؟
نلاحظ لدى المبتدئين والمبتدئات ، كثيراً من التجارب الكتابية العاطفية ، منها ما تكون على شكل شعر ، ومنها على شكل قصة ، ومنها على شكل خواطر أو مذكرات ...
ما يهمنا هنا التجارب التي تأتي على قوالب شعرية ، لا نلاحظ فيها وزناً أو قافية .. بعض هذه التجارب قد تحمل استعداداً وقابلية من كاتبها بأن يتعلم الوزن وثقافة التقفي .. وبعد مدة سينضج في هذه المسألة ، لكن هناك فئة لا تحمل من الشعر إلا شكله الواهم .. أي أنهم يجبرون تعبيرهم وعواطفهم على هذه الشاكلة دون توفر الرغبة أو القابلية للإيقاع الشعري .. ومن الأفضل لهؤلاء أن يجربوا قالب النثر .. لماذا ؟
هناك نظرة تقول بأن كتاب الشعر هم الأدباء الحقيقيون .. الشعر هو الأدب .. أما ما دونه فلا !!
لكن بشيء من التعمق تبدو هذه النظرة قاصرة .. لأن الأدب يحمل قالبين (الشعر والنثر) وقالب النثر يحتوي كثيراً من الأجناس المثيرة مثل ( الخطبة ، الرسالة ، الخاطرة ، المقالة ، الحوار ، القصة ، المسرحية ، الرواية ، .... ) وهذه أكثر إثراءً من الشعر ، وفيها تنوع وتفاوت وقابلية للإبداع المثير ..
من يكتب نثراً .. لا يقل أهمية عمن يكتب شعراً .. إنما التميز في القوة الأدبية سواء نثراً أو شعراً .. وحتى لو كان هناك ميل جماعي للشعر لغنائيته وإيقاعه وحفظه بسرعة .. لكن لا يعني هذا تفضله على النثر إلا بالفكرة والصورة والتعبير الأدبي ..
من هنا .. يمكننا أن نستفيد من الشعر في صوره وتعابيره ورموزه وأفكاره لقالب النثر .. بمعنى أن كاتب الخاطرة – مثلاً- لا يعني انه لا يقرأ إلا الخاطرة فقط .. بل يقرأ كل إنتاج أدبي وينوع ليعمق تجربته ومخزونه ..
سئل الشاعر المعروف محمود درويش :
كم ديواناً تقرأ ؟
فأجاب :
إن قراءتي للنثر أكثر من الشعر ..
وكذا سئل نجيب محفوظ : كم قصة أو رواية تقرأ ؟
قال : أقرأ الشعر أكثر ..
وهنا سيندهش القارىء فعلاً .. فكيف يوفق الأديب بين ما يقرأ وما يكتب ..
الفكرة كما قلنا هي أن يركز الأديب على الفكرة الأدبية والصورة الإبداعية والتعبير الجميل بغض النظر عن القالب الذي ورد فيه ..
هذا لا يعني أن تتشابه الأجناس الأدبية .. إنما بالإمكان أن يوائم الأديب عبر مخزونه التنوع لتقوى تجربته وتتطور وتتسع ..
ولذلك نستطيع القول :
كم نص نثري نقرؤه ، فنشعر أنه يختزل أكثر من قصيدة ..
وسنعطي في الحلقة الآتية – عن شاء الله – أمثلة ونماذج ليحكم القارىء بنفسه ، ويتذوق النص ..
سيبقى لدينا سؤالاً أخيراً .. وهو :
# ما الميزة للشعر لتكون له هذه الجاذبية ؟
ميزة الشعر .. هو انسياب الكلمات فيه بإيقاعية .. وتناسب التقفيات .. وهذا مما يحفز على السماع والحفظ والغناء .. وهكذا العرب في تاريخنا ، فهم حفظوا ودونوا الشعر أكثر من النثر .. لسهولة حفظه وانتشاره ، واستخدامه في أغراض كثيرة عندهم .. بينما نجد الرصيد النثري مقارنة بالنثر وأنواعه قليل .. إضافة إلى أن المجتمع بعاداته وتقاليده وإعلامه .. يحتفي بالشعر والشعراء أكثر من غيرهم من الأدباء .. وهذا حتماً سيؤثر في نظرة الناس لهذا الجنس وتعظيمه وتفضيله ..
لكن بنظرة أخرى نجد أن القرآن الكريم صيغ في قالب نثري فريد ، وكذا أقوال الرسول وأهل بيته (عليهم السلام ) ونخص هنا أمير الحكماء والبلغاء الإمام علي بن أبي طالب (ع) ..
إضافة ما دبجته أقلام القدماء .. وأدباء عصرنا من روايات وقصص ومسرحيات وخواطر ورسائل وحوارات ومقالات مثرية متنوعة ..
وللحديث بقية مع ( نماذج مختارة من النثر ) ..
ابن المقرب

 

 

 توقيع ابن المقرب :
كيف تتفجر الشاعرية ( حلقات ) ؟
ابن المقرب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-02-2009, 10:10 PM   رقم المشاركة : 6
حامل المسك
نائب المشرف العام
 
الصورة الرمزية حامل المسك
 







افتراضي رد: كيف تتفجر الشاعرية ( حلقات ) ؟

حقيقة حلقات رائعة ..... في كيف تتفجر الشاعرية ؟ ونتمنى أن يواصل الأستاذ ابن المقرب ببعض ماعنده في مثل هذه المواضيع

ابن المقرب تبقى كما أنت رائعا في كل شيء .

فدم

لمحبك
أخاً

 

 

 توقيع حامل المسك :
رد: كيف تتفجر الشاعرية ( حلقات ) ؟

رد: كيف تتفجر الشاعرية ( حلقات ) ؟ رد: كيف تتفجر الشاعرية ( حلقات ) ؟
عَلَّمَتْنِي الْحَيَاة..ان أَجَعَل قَلْبِي مَدِيْنَة..بُيُوْتِهَا الْمَحَبَّة..وَطَرِيْقُهَا التَّسَامُح وَالْعَفْو وَأَن اعْطِي وَلَا أَنْتَظِر الْرَّد عَلَى الْعَطَاء ..وَأَن اصَدِق مَع نَفْسِي قَبْل أَن اطْلُب مِن أَحَد أَن يَفْهَمُنِي ..وَعَلَّمْتَنِي أَن لاأَندُم عَلَى شئ وَأن اجْعَل الْامَل مِصْبَاحَا يُرَافقُنِي فِي كُل مَكَان وَأَن احْتُفِظ بِأَحْزَانِي فِي قَلْبِي وَأَن ارْسِم الْبَسْمَة عَلَى شَفَتِي حَتَّى لاأَحْزن الْنَّاس
حامل المسك غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-03-2009, 08:25 AM   رقم المشاركة : 7
حسين بن
مشرف سابق






افتراضي رد: كيف تتفجر الشاعرية ( حلقات ) ؟


سلسلة من الدروس المفيده
من المتابعين لك
أيها الراقي الجميل
وفقك الله

 

 

 توقيع حسين بن :
أيا شمعة العيد وربانها
أثكلت قلبي وازداد العمر عقد
دقت ساعة الرحيل
إنشق لحد يثوي طهرك الطاهر
حسين بن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 13-03-2009, 04:27 PM   رقم المشاركة : 8
ابن المقرب
كاتب قدير







افتراضي رد: كيف تتفجر الشاعرية ( حلقات ) ؟

تحية للجميع
وأطلب العذر لأني اطلت عليكم
لكن بسبب انشغالي لإعداد موضوعين ذوي حلقات في المنتدى الإسلامي
وبسبب عدم تفرغي الكامل
وبالتأكيد ساعود إليكم قريباً بحلقتين أو ثلاث لأتمم الموضوع
ابن المقرب

 

 

 توقيع ابن المقرب :
كيف تتفجر الشاعرية ( حلقات ) ؟
ابن المقرب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 26-07-2011, 02:18 PM   رقم المشاركة : 9
AL-NAQEEB
مشرف سابق







افتراضي رد: كيف تتفجر الشاعرية ( حلقات ) ؟

دروسـ مفيدة .. شكرا لكـ عزيزي
.
.

 

 

 توقيع AL-NAQEEB :
AL-NAQEEB غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 09:16 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد