العودة   منتديات الطرف > الواحات الخاصـة > منتدى السهلة الأدبي




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 16-01-2009, 10:19 PM   رقم المشاركة : 1
منتدى السهلة الأدبي
منتدى السهلة الأدبي






افتراضي ( قراءة في الوعي المتحول لسيرة ثقافية ) عيسى مبارك الربيح

قراءة في الوعي المتحول لسيرة ثقافية

محاورة تحليلية مع محمد الحرز

على رأس الهرم يقدم لنا الحرز جوهر مقاله، وهو « شهادة ذاتية تعكس تأملاته وقناعاته وتحولاته الفكرية والثقافية والأدبية والعقائدية » لاحظ معي كلمة « والعقائدية » هل عقائد الحياة أم الدين أم التاريخ أم ماذا ؟ في حين أن العقيدة الذهنية لمفاهيم الحياة ما هي إلا أسلوب ذهني في التعامل مع الأفكار والسلوك والمشاعر، وليس بناءً بحد ذاته. وقد ترادف مفردات مثل اليقين والقناعة.

بهذا وبعده يحاول أن يكشف القيمة الحقيقية للإنسان خارج نطاق كل تصنيف قومي أو طائفي أو قبلي « أي تجريد الإنسان من أية أيدلوجية » وقراءته على طاولة تشريح موضوعي تجريدي محايد « وهل استطاع أحد إلى الآن أن يدعي ذلك ؟ » فحتى ادعاء ذلك، نجد فيه ظلماً للإنسان، فبأي معيار سيحكم هذا الإنسان، بأي قانون سينقله من ضفة إلى ضفة، أي نظريات سيعتمدها سوى ما يحملها في ذاته سواء بيئية أو كسبية أو فكرية أو غيرها.

لا علينا سنتابع ما يقوله الحرز..

فهو يشير إلى أهمية هذا الادعاء أو القراءة باعتبار التحولات التي يتقلب فيها الإنسان طوال مراحل عمره المختلفة، وفصّل هذه التحولات بأنها « مجموعة من العادات والتقاليد والموروثات العقائدية والفكرية والنفسية والسياسية والاقتصادية الممتدة من عمق التاريخ »... ويحاول بعدها أن يقسم تلك الأهمية إلى نقاط، هي :

1) الخلل الثقافي الذي يخترق حياتنا العربية المعاصرة من فقدان روح المسؤولية الأخلاقية والفكرية لدى أغلب النخب من مواقف ازدواجية أو متناقضة لتحقيق منفعة أو مصلحة آنية أو دنيوية، وانتشار هذه النماذج من النخب في حياتنا وإعلامنا واتهاماتهم وتجنياتهم « نرجو أن يتخلص كاتبنا مما وصم غيره به، لنتابع المقال ونرى.. ».. ثم يعود ليؤكد أخرى أن شهادته هذه كوثيقة تاريخية يسجل كلمات ضد المكان الذي يتنفس فيه وليس هذا احتجاجاً إنما قناعة شخصية. « وسيأتي على هذه القناعة تحولات ربما يبرأ الكاتب مما عبر فيها، ونظل ندور معه في دوارة لا تنتهي.. »

2) تفعيل دور الحوار الثقافي بين الأجيال داخل الأطياف لمجتمع واحد لتأسيس قيم إنسانية وأخلاقية تنهض على المحبة والتفاهم « أية قيم تريد ؟ هل كل شيء قائم من المحبة والتفاهم يصلح لتسميته إنسانياً وأخلاقياً ؟ ثم ما هو الإنسان ؟ ما هي الأخلاق ؟ كيف نختارها ؟ وبأي معيار ؟ ومن منطلق أي أيدلوجية ؟ ».. ها نحن نعود إلى الوراء مما عبر الكاتب عنه، وها هي أول تناقض تجري في عروق مقاله قبل أن ينتقل إلى عمق ما يريد !!».. ويتابع الكاتب : وهذا الحوار يتسم بالوضوح والصراحة تخطياً لحالات ثقافية عندنا كالممارسات التعسفية لأدعياء الدين والأدباء والثقافة « لا يكفي الوضوح والصراحة فهما أسلوب فقط للبحث الحقيقي، أين العمق ؟ أين المعيار الصحيح ؟ أين.؟؟ ثم من هم أدعياء الدين والثقافة والأدب؟ وما سمة ممارساتهم التعسفية ؟ وهل يستطيع الكاتب أن يخرج مما وصفهم بذلك مثل الشعرة في العجين ؟ »

بعد ذلك يرمي الكاتب لنا بنتيجة خرجت من رحم تجربته البكر، أقنعته إلى الإيمان بالقول التالي « لا حظ : لا يعنينا كلمة « اقتنعت » فهذا راجع لك، وليس كل ما تقتنع به يصلح لإقناع الآخرين به ».. المهم نأتي بقناعته، وهي :

« التاريخ يمثل سلطة تخترق الإنسان من العمق، غايتها تحويل الإنسان إلى مجرد أوهام وأنصاف حقائق « يا ساتر !! » والمجتمع الذي لا يكشف ذلك هو أسير لأوهام التاريخ.. ولكي نقرأ التاريخ ونجدد مروياته لا بد أن نفك ارتباط مظاهر السلوك والعلاقات الاجتماعية والموروثات العقائدية من براثن هذه السلطة، لتحقيق نهضة من ركام التاريخ إلى وعي المستقبل »...

لماذا يتخطى ويجاوز الكثير من الأمور، ويختزل نتائجه بكلمات قلائل.. ؟؟

ثم أي تاريخ هذا، هل التاريخ هو مخلوق منافس للإنسان يزاحمه ويسيره ؟ أم أنه مفهوم مجرد صنعه الإنسان ؟ وكأني بالإنسان هنا هو الذي يتحمل قراءاته لا التاريخ، ولا دخل له بأوهامه، نعم قد تتسرب أوهامه كتراث ضخم يحمله الإنسان ويعيد به ما سبق وكأنه يدور للوراء، لكن هل كل التاريخ بهذا ؟ هل كل الذين يغوصون فيه هم هكذا ؟ ليحاول الكاتب أن يكشف لنا المناهج التي تغيب التاريخ وتجعله أوهاماً بدلاً من التعميم المجانب للحقائق، ففك الارتباطات ليس بتلك السهولة التي يأتي بها الكاتب..
كما ينطلق الكاتب من جيل عصفت به الحوادث وأربكته الأيام ثم يشرع إلى وصف الجيل الذي يحمل موروثات جيله سواء بالتوارث أو الاكتساب الجمعي ليأتي جيل دون تمايز عما قبله وما يهمه سواء حمل إرث فقط لتمرير عجلة الحياة، ثم وصف ذاته في عمق هذا التكوين، ويصف تكوينه ونشأته في هذا الجيل والمجتمع، ليفصح في النهاية أنه تفاجأ وهو وجيله أنه كان يمارس المواقف بشتى أنواعه نتيجة لتقاليد اعتيادية ورثها فقط دون نظرة وعي ورؤية تاريخية، وينقل لنا تأملاته في خريطة هذا التكوين، ثم التعميم على الواقع المعاش بأنه سلبي إلى درجة المشي عكس السير، هذا باختصار ما ورد في المقال المنشور في جريدة الوطن بتاريخ 16/2/1425هـ ليوم الثلاثاء ص22 الموافق 6/ أبريل / 2004م، عدد 1285 السنة الرابعة.

ونحن إذ نشعر بأهمية فتح مثل هذه السير الثقافية لكشف المزيد عن أطياف المجتمع، ونشوء متميزها، لا بد أن نكون قاسين على أنفسنا، وتقبل جلد الذات ونقدها ومراجعتها دائماً للتطوير والنماء المتواصل في عالم مليء بالتغيرات والتحولات، في عالم الثابت فيه هو المتغير، كل ذلك من أجل الوصول إلى الحقائق، وينبغي علينا أن لا نكتفي بالتنفيس والنقد واللوم والحسرة والرغبات الحالمة، بل لا بد من التحليل والمراجعة بشتى الأساليب معتمدة في ذلك على أيدلوجية موحدة صامدة لتحكّم لنا كل ذلك، ولكي لا تتحول هذه المقولة الثقافية إلى حالة ترف وتطرف ورغبات تنفك عن مكبوتها الشخصي الذاتي وغير المتزن والواعي، لا بد أن تؤصل الرغبات التحولية وفق مبادىء محكمة أساسية.
ولنا مع الكاتب فيما أشار إليه هذه الوقفات :

1) عرض الكاتب مجموعة من المبررات لهذا الموضوع وبعض الأوصاف دون أن يعطي في الاعتبار المنهجية العلمية في مقاله، فأصبح مقاله أشبه بشيء منفرط تقوده خيول همجية لا يقر لها قرار أو وجهة ثابتة، فهو عبارة عن تيقظات مبكرة لحالة نفسية أو ذهنية اصطدمت بحيطان كثيرة في مجتمع يعيش فيه، دون أن يوقف نزيف هذه الحالة. وفي هذه الحالة فالمسؤولية للكاتب أن يضمد نزيفه، من ثم يعاود حل التساؤلات والمراجعات الثقافية ويجدد لنا منهجاً معيناً به يعيد اتزان هذا السيل الدفاق من الأسئلة، ويفرز به ما هو أصيل عما هو موروث أو مكتسب، بمعنى أن مفردة موروث تحتمل الأصالة وتحتمل التقليد، وكمفردة بحد ذاته لا تعالج هذه الحالة الثقافية، وكذلك الاكتساب كمفردة تحتمل المعنيين، ومصطلحات طنانة كالحداثة والمعاصرة والتجديد لا تسمن ولا تغني من جوع إذا لم تحدد أطرها الأصيلة والثابتة، وهي قابلة للتشكل بحسب دفق الكاتب في الوعاء.

أمر آخر لم يلتفت له الكاتب، هو تلك العجالة في رصد أفكاره وأسلوبه واستفهاماته، وكأنه مطارد كي يحافظ على نوعه بهذه الصرخة، دون أن يعي أثر المرحلية العمرية المبكرة لأسئلة كبرى كالتي طرح، وكذلك الاختزال المكاني للمقال، فأسئلة مثل هذه ووصف سيرة عاصرت وعاصرت على حد قوله لا يمكن أن توصف بهذه المسافة القصيرة.

2) يلاحظ أن هناك عدم وضوح في استخدام المصطلحات، فالكاتب يسرد مصطلحات دون توضيح دلالاتها وهدفه من استخدامها، مثل : الدين، العقائد، مما يربك ذهن المتابع ويجعل يتساءل : أين دين أو عقيدة يقصد ؟ هل هناك شيء اسمه تحول عقائدي ؟ وإذا وجد فما هي الآليات وما مدى صدقها ؟ وما الفرق بين الدين كنص أو كفكر اجتهادي ؟

3) نلاحظ عنصر التعميم مسيطراً على الكاتب، فهو دائماً ما يرتكز على حالة شخصية ذهنية ذاتية أو عدة حالات مختارة لا يمكن الاطمئنان بها لتعميمها كحقائق ونظريات عامة، إضافة إلى النظرة السوداوية الجزئية للأمور، أو الكلام المنفلت دون تطعيمه بنماذج وأمثلة حية لإيضاح النتائج.

4) نلاحظ كذلك الاجتزاء في تبيين الخبرة، فهو يسوق لنا النتائج دون إخبارنا بأي سبب تعلق وأخذ ليصل إلى ذلك، فحتما التمسك بمقدمات خاطئة سيسوق لنا نتائج خاطئة.

5) تطرقه لموضوعات عميقة وكبيرة تشترك الفلسفات في طرحها وتقسيمها ومعالجتها، وهذه الأسئلة جرى تنافس قديم وحديث لإشباع ظمئها سواء بين الفلسفيين الإسلاميين أو الفلاسفة الأخرى المناقضين للفلسفة الإسلامية، فهنا لا ندري بأي فلسفة اختار الكاتب.

6) في مقاله كيف استطاع أن يفرز لنا الإنسان من أي امتزاج قبلي أو طائفي أو اجتماعي ؟ وهل وفق أم اصطدم كعادة سيره السابقة ؟

7) لماذا اقتنع بأن التاريخ سلطة ؟ ومن هم صناع التاريخ ؟ وكيف نختارهم ونحلل مقاصدهم أثناء تواصلنا مع التراث والحضارة ؟ وأنى للكاتب أن يقرأ التاريخ دون مقدمات قبلية ؟ كيف سيحاكم التاريخ ؟ وأيها معيار يعتمد عليه ؟

8) إن من الإجحاف أن نصف سيرة ثقافية بهذا الاجتزاء المخل بالعلمية والحقائق الإنسانية، متناسياً طبيعة المراحل التي مر بها، بخاصة جانب العقائد والدين، باعتبار مجتمعنا يتسم بالمجتمع الديني أو الإسلامي وطبيعة أطيافه المذهبية والثقافية والبيئية الجغرافية. وهل كل تحول هو تجديد وأصالة ؟

هل كل وصف لتجربة وتحليل لها أصالة وتجديد ؟

هل الاكتفاء بالنتائج وتعميها كافٍ للحديث عن سيرة ثقافية ؟

بهذه التساؤلات نريد متابعة الكاتب، ليراجع مراجعته الثقافية المختزلة، ومعتبرين ببعض التميزات الجيدة للمقال.. لكن الاختزال والنقص والسرعة والتناول السطحي لأسئلة كبرى مثل هذه جعلنا نتابع قراءته.

21/2/1425هـ

 

 

منتدى السهلة الأدبي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 02:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد