العودة   منتديات الطرف > الواحات الخاصـة > منتدى السهلة الأدبي




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 31-03-2010, 06:17 PM   رقم المشاركة : 1
منتدى السهلة الأدبي
منتدى السهلة الأدبي






افتراضي النكتة مساحة حرة للفضفضة ــ أحمد بن مبارك الربيح

النكتة مساحة حرة للفضفضة
أحمد بن مبارك الربيح

النكتة أو الطرفة أو الفكاهة تلك اللمحة الباسمة التي تنفرج الشفاه عند سماعها، وتطرب لها النفوس، وتعلو لمعانيها الضحكات.. هل اخترعها الإنسان، أم أنها وجدت منذ انزراع الهموم في حياته ؟!!

مهما يكن من أمر، ومهما كانت الإجابة، فالطرفة والنكتة والفكاهة هي بمثابة مساحات للراحة النفسية، ومحطة يخلع فيها الواحد منا عنه هموم ومنغصات حياته.

إياك أن تصدق أن: ( الضحك من غير سبب من قلة الأدب ) ففي صفحات هذه الكتب ألف سبب وسبب للضحك. قلبها واضحك ! فإن الضحك يطيل العمر، ويغسل هموم القلب. فإذا ضحكت، فأنت تضيء الظلام بأسنانك البيضاء، وتساهم في تقليل سواد الليل. ولا تصدق أن أحداً يتضايق من الضحك، فالناس، كل الناس قد تعبوا من الدموع، ويسرهم أن يسمعوا ضحكة من القلب.

إذن فالضحك جزء هام من الحياة، فثمة من عرف الإنسان على أنه ( حيوان ضاحك )، فالإنسان يضحك، أما الحيوان فهو لا يعرف الضحك لذلك، لا تؤجل ضحكك إلى الغد، واضحك على الفور، وأرجئ دموعك إلى الغد، فالضحك سريع العدوى كالزكام. فيه يرى الأطباء تخفيفاً للتوتر، وفي الفكاهة يجدون شيئاً من الراحة والتراخي العقلي.

والنكتة من جهة أخرى هي أحد الفنون ذات القيمة الجمالية، فرد الفعل الحركي لها هو الضحك، الذي يحرك خمس عشرة عضلة في الوجه، من الناحية الصحية، مما تفيد هذه التجربة الجمالية الجسم في إمداد الدم بالمزيد من الأكسجين وتقليل هرمونات التوتر وتقوية مناعة الجسم، لكن هذه التجربة الجمالية هي خطرة بمقاييس كثافتها، حيث أنها قد تودي إلى إصابات جسيمة بالعضلات أو حتى الوفاة في حال زيادة كثافتها عن المعدل الطبيعي !

الطرفة، النكتة، والأدب الضاحك:
وعبر التاريخ كان هناك العديد من الكتاب الذين استخدموا أسلوب السخرية المفرطة، ولعل أبرزهم الشاعر "جرير" الذي اختص بالهجاء، وكان أسلوبه في الهجاء طريفاً إلى درجة تثير الضحك، وكذلك فعل "الفرزدق" ولكن بدرجة أقل.

ومن أشهر كتب الطرائف في التاريخ العربي القديم كتاب ( أخبار الحمقى والمغفلين ) لأبي الفرج الجوزي، و ( البخلاء ) للجاحظ، إلا أن أشهر الشخصيات الفكاهية على مر التاريخ العربي كانت شخصية "جحا " التي نسجت حولها الطرائف، كما زخرت الذاكرة العربية بطرائف أشعب والبهلول وأبو العتاهية.

وأدب النكتة هو الأدب الضاحك، والساخر أدب الهجاء، ويقع في مقام أدب النكتة ( الطرف ــ الملح ــ النوادر ــ أخبار الحمقى والمغفلين )، ولكن لا يوجد في الأدب القديم نكت جاهزة، إلا أن عليك أن تقرأ كتاباً كاملاً حتى تجد أن خلاصته مضحكة.

والطرفة يكون في آخرها الانفجار من أجل الضحك المتواصل، أو على أقل تقدير فهي التي توصلك إلى مرحلة التبسم بغض النظر عن نهايتها أو بدايتها، وقد تكون قريبة من النادرة، أما عن صلتها بالأدب الضاحك فهذا يعتمد على المكونات المستخدمة والأسلوب.

والنكتة تعتمد أولاً على ثقافة وأسلوب المؤلف وليس على ثقافة الآخر، أما الآخر فإما أن يرفض أو يقبل، وبقدر ما يكون شخصية رزينة فهو يتقبل النكتة، أما من كانت شخصيته مهزوزة فهو لن يتقبل النكتة سواء كانت عليه أو لا غيره، كذلك مكونات النكتة أو الدعابة يجب أن يلقيها صاحب النكتة بحيث يكون من الثعلبية بمكان .

على ضوء ذلك نجد أن النكتة مرت بتطور منذ أن كانت مظهرا من مظاهر البذخ في القصور والديوانيات الأنيقة، إلى أن صارت متنفسا يروح الناس به عن أنفسهم أوقات الضيق، والنكتة دليل عند العرب على النضج والسماحة والميل إلى السلام والقدرة على التفاهم العقلاني، يقول مثلا عربي قديم: ( إن الرجال لفي سجن إلى أن يغمرهم الظرف ).

الطرفة .. فن أدبي ممتع
من خلال ما سبق ذكره نجد أن ثمة أكثر من لفظ معبّر عمّا نودّ أن نقف عنده، فهناك الطرفة والنادرة والملحة والنكتة وهي ذات جذور متباينة في المعجم اللغوي، بيد أنّ لفظ الطرفة يبدو أنسب لما نحن بصدده من فنّ أدبيّ ذي طابع مرح ( فنحن أبناء الطرف في الطرف كما هو معلوم
للجميع ).

وإذا كان هذا النمط من الأدب يمتع قارئه فإن الإمتاع ليس بعيدا عن وظيفة الأدب على أن يتآزر معه التعليم. فالأدب عامة يعلّم عن طريق الإمتاع.

فإذا أسفر عن هدفه التعليمي خرج عن كونه أدبا أو فنّا، واتجه صوب أنماط أخرى من الكلام.
وتكون عبقرية الفنّ الأدبي في إخفاء هدفه التربوي المباشر تحت إرهاب العمل الأدبي سواء أكان شعرّا أم نثرا.

والطرفة تشي بالجديد، الذي يفاجئنا بجدته ويدهشنا بما لم نتوقعه من القول أو الفعل، ويبدو أن هذا هو جوهر الطرفة، وسرّ استجابتنا لها.

وهي قد لا تكون مرحة مبهجة حين تتوخى النقد والسخرية اللاذعة من الظروف القاهرة، والحال المائلة فتتناول الطرفة الظرف المرير بأسلوب المصور الكاريكاتيري، إذ تسلّط الضوء على الجانب المضحك من الظاهرة المستهجنة، وقديمّا قيل: شرّ البلية ما يضحك.

وكثيرا ما ترتبط الطرفة بأسلوب أدائها أو طريقة قصّها، إذ يمتلك بعض الناس موهبة في هذا الشأن فإذا بأحدهم يخلب ألبابنا بما نعرفه من هذه الطّرف، أو نعرف ما يشبهه أو يقترب منه. ويبدو أن مثل هذا النمط من الفنّ الذي يشيع المرح أو السخرية موجود لدى كلّ الشعوب ولاسيّما في مجال الأدب الشعبي.

والطرفة قد تدعى بالنكتة الشعبية، وهي تُعرّف بأنها: خبر قصير في شكل حكاية أو هي عبارة أو لفظة تثير الضحك ...

إن النكتة فيها تلاعب بالألفاظ، والذي من شأنه أن يصنع معنى مزدوجا. فهناك المعنى الظاهري الذي لا يثير الضحك إلا لكونه مرتبطا بالمعنى الأول، وهو ما ينطبق على بعض الطرف، وتلتقي النكتة الشعبية بالحكاية عامة في أنها تلغي الواقع الحزين أحيانا للإنسان على صعيد الخيال الحكائي، وتسعى إلى السخرية من هذا الواقع وإدانته بأسلوبها اللاذع المركز، وهذا أمر يصحّ على الطرفة في بعض جوانبها كما ذكر ذلك سلفا في البداية.

وهناك من يقارن بين النكتة الشعبية والحلم من حيث إن كليهما يسعى إلى التخلص من رقابة الشعور/الوعي، وإنهما ينبعان من اللاشعور/اللاوعي، وقد ينطبق هذا الرأي على الطرفة التي تجرح.
ولكنّ صاحب الطرفة قد يرمز من خلالها إلى الجور بكلّ أنماطه ومصادره فلا يجرؤ على التصريح به، ويلجأ إلى الطرفة أسلوبا تعبيريا مناسبا لمثل هذا الجور.

ونلمس لدى بعض جامعي الحكايات الشعبية ودارسيها أثرا للطرفة نجده من خلال إفراد جزء لهذا النمط من الأدب قد يطلقون عليه مسميات مختلفة.

ولا ريب في أن الطرفة تكشف جانبا من حياة الأديب وطبيعة معاناته، مثلها في ذلك مثل بقية فنون الأدب، وإن نظر إليها على أنها أقلّ شأنا من الفنون الأدبية الأخرى.

والطرفة لا تضيء لنا حياة الأديب الذي تنسب إليه الطرفة فحسب بل إنها تضيء العصر أيضا، وتعطي فكرة عنه، وعن طبيعته، وبعض ملابساته ولاسيّما إذا ما اقترنت روايتها بأحد المجالس لخليفة، أو أمير،أو شخصية معروفة.

فالنكتة ــ إذن ــ هي موقف صاغة عقل جماعي مجهول بمفردات بسيطة قوامها المفارقات المكثفة التي تعج بها وقائع الحياة اليومية.

إنها المنشور الذي ينفذ بسخريته اللاذعة إلى الأعماق، والصحيفة غير المدونة والأداة التي يبدد بها الناس همومهم خصوصا البسطاء الذين لا يجيدون تدبيج المقالات والخطب والتحليلات العميقة التي تشرح الواقع المعقد، فمن خلالها هم يضحكون من عجزهم، ومن أنفسهم ويروحون هموم الحياة بجوانبها المختلفة.

وعلى هذا الأساس تعد النكتة أحد الثوابت الثقافية للمجتمعات حيث تصعد وتهبط مع صعود وهبوط الحضارات، وما يميزها عن الحكايات الطريفة هو كثافتها الشديدة، وحملها للمعنى في سطور قليلة وقدرتها على النفاذ.

أبو العيناء نموذجا:
ومن أمثلة ذلك ما جاء عن أخبار أبي العيناء محمد بن القاسم اليمامي وطرائفه وأشعاره في كتاب: ( أبي العيناء، الأديب البصريّ
الظريف ) للأستاذة الدكتورة ابتسام مرهون الصفّار التي تقصّت حياة أبي العيناء منذ ولادته عام 191هـ، وحتى وفاته سنة 283هـ أو 282 على الأرجح.

وهذا يعني أنه عاش ما يربو على التسعين عاما في جو أدبي وعلمي خصب.
وقد نحا بأدبه وجهة معينة بحيث نلمس فيه أثر الطرفة واضحا، وهو لا يتميّز في سائر أدبه إلا في فن الطرفة التي كانت الطابع الغالب على أدبه، لا سيما أنها وسيلة رزقه وواسطته إلى الأمراء والأغنياء، ومحور اهتمام.
لم يولد أبو العيناء أعمى بل ولد أحول، وعمي بعد سن الأربعين.

وهو يأبى إلا أن يتخذ من كل ما حوله مادة لطرفه ومنها عاهته هذه حيث يقول عن عاهة الحول لديه:

حمدتُ إلهي إذ بلاني بحبِّها
....................على حول يغني عن النظر الشزر
نظرت إليها والرقيبُ يظنني
....................نظرت إليه فاسترحتُ من العذر

ولم يسلم عماه من هاجس الطرفة الطاغية على حياته وأدبه فقد خاطبته إحدى الجواري قائلة: أنت أيضا يا أعمى.
فقال لها: ما أستعين على وجهك بشيء أصلح من العمى.
وقال المتوكل يوما: أشتهي أن أنادم أبا العيناء لولا أنه ضرير.
فبلغ ذلك أبا العيناء فقال: إن أعفاني أمير المؤمنين من رؤية الأهلة، ونظم اللآلئ واليواقيت، وقراءة نقوش الخواتيم فإني أصلح له.

وربما بدت طرفة أبي العيناء أداة تعويض فهي تعينه على الدفاع عن نفسه بلسانه.

ومن ذلك أن مائدة جمعته مع الشاعر أبي هفّان وكان عليها فالوذج ساخن. فقال أبو هفّان مخاطبا أبا العيناء: هذه أشدّ حرّا من مكانك في لظى. فقال أبو العيناء: إن كانت هذه حارّة فبرّدها بشعرك.

وهذه الطرفة تعكس ضمنا رأيه في أحد شعراء عصره يسوقه بأسلوب الطرفة اللاذع.

ومن ذلك أن رجلا داخله خبل وكان يدّعي النبوة، فأدخل على الخليفة المتوكل فسأله: ما علامة نبوتك ؟، فقال الرجل: أن يدفع إليّ أحدكم امرأته ..
فقال المتوكل: يا أبا العيناء هل لك أن تعطيه بعض الأهل ؟.
فردّ أبو العيناء دون ترّدد: إنما يعطيه من كفر به. فضحك المتوكل وخلاه.

ويظهر من سياق طرفه أنه يحتاج فيغشى مجالس الأغنياء والأمراء، ومن ذلك أن أبا الصقر وعده، فسأله أبو العيناء ومتى ؟

قال أبو الصقر: غدا. فقال أبو العيناء إن الدهر كله غد، فهل عندك وعد مخلى من المعاريض ؟، فقال رجل حاضر: قد استعمل المعاريض قوم صالحون، حدثنا فلان عن فلان.
فقال أبو العيناء: من هذا المتحدث في حرماننا بالأسانيد ؟

وتأتي الطرفة شاهدا على ثقافة أبي العيناء وطبيعة ثقافة عصره، وتكشف عن قدرته اللغوية التي تنطوي عليها بعض طرفه فضلا عن حسن إطلاعه، وسرعة بديهته، وسماحة خلقه، وحرصه على أن يشيع المرح فيمن حوله.

ومن ذلك رده على أحدهم وقد سأله: ما حالك مع فلان مذ تولى ؟ فيقول أبو العيناء: أنا معه غير جندب وهو يعني قول الشاعر:
وإذا تكون كريهة أدعى لها
....................وإذا يُحاسُ الحيسُ يُدْعى جُنْدُبُ

وبذلك فإن التضمين يعين أبا العيناء على إسناد ردوده اللاذعة وتعزيز تأثيرها، وينطبق ذلك على الاقتباس الذي يلجأ إليه للهدف ذاته.

ومن ذلك أن أبا العيناء دخل على إسماعيل القاضي وأخذ يرد عليه إذا غلط في اسم رجل وكنية آخر، فقال له بعض من حضر: أترّد على القاضي أعزه الله. قال أبو العيناء: نعم ولم لا أرد على القاضي وقد رد الهدهد على سليمان وقال: ( أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ )، وأنا أعلم من الهدهد وسليمان أعلم من القاضي.

ومن المؤكد أنّ أبا العيناء التقى بالجاحظ وجالسه، وتجاذب معه أطراف الحديث.

والجاحظ صاحب طرفة أيضا، وهو يتفوق على أبي العيناء في موهبته وأدبه الغزير، بيد أنّ الطرفة ليست هي السمة البارزة في أدب الجاحظ، ولكنها ميزة أبي العيناء، وأبرز صفات نتاجه الأدبي المحدود.

ومما يروى عن لقاء أبي العيناء بالجاحظ، إنهما اجتمعا عند الحسن بن وهب، فقال الجاحظ مشيراً إلى فضل الأسماء ودلالاتها: علمت أن محمدا بن عبد الله أحسن من عمرو بن بحر، وأن أبا عبد الله أحسن من أبي عثمان، ولكن الجاحظ أحسن من أبي العيناء، فرّد عليه أبو العيناء قائلاً: هيهات جئت إلى ما لا يخفى من أمورنا، ففضلتني عليك فيه وإلى ما يعرف ففضلت نفسك فيه.

إن أبا العيناء يدل على كنية، والجاحظ يدل على عاهة، والكنية وإن سمجت أصلح ُمن العاهة وإن ملحت.

وتظهر بعض طرفه وكأنها لعب لفظية يقصدها ويوجهها الوجهة المرحة التي يريد.

ومن ذلك أن أحدهم سأل أبا العيناء: وهل بقي من يلقى ؟
فأجابه على الفور: نعم في البئر. وحين قدم إليه قدر مد إليها يده كي يأكل فوجدها كثيرة العظام.
فقال: هذه قدر أم قبر ؟

ويفضي رجل بشكواه إلى أبي العيناء من امرأته فيقول له أبو العيناء: أتحب أن تموت هي ؟
فيجيبه الرجل: لا والله الذي لا إله إلا هو. فيستغرب أبو العيناء ويسأله: ولم ويحك وأنت معذب بها ؟ حينذاك يردّ عليه الرجل: أخشى والله أن أموت من الفرح.

وتعتمد كثير من طرف أبي العيناء على سرعة بديهته، ورده المفاجئ غير المتوقع.
ومن ذلك أن أحدهم لقيه فقال له: أطال الله بقاءك، وأدام عزك وتأييدك وسعادتك.

فردّ أبو العيناء: هذا العنوان، فكتاب من أنت ؟. وسأل قينة عن عمرها فرّدت: ثلاثين سنة.
فقال أبو العيناء: أنت ابنة ثلاثين سنة منذ ثلاثين سنة.

ونلمس الرّد اللاذع في طرفة أخرى له مع صاعد بن مخلد، إذ وقف أبو العيناء فقيل له إنه يصلي فانصرف، ثمّ عاوده، فقيل له: إنه يصلي فقال أبو العيناء: لكلِّ جديد ٍلذّةٌ.

وسأل أبو العيناء أحمد بن صالح حاجة فوعده إياها ثم اقتضاه، فقال: دونها المطر والطين. فقال أبو العيناء: فحاجتي إذن صيفية.

وروي أن أبا العيناء محمد بن القاسم اليمامي حدّث بعض الزبيريين بفضائل أهله، فقال الزبيري: أتجلب التمر إلى هجر ؟ فقال أبو العيناء: نعم إذا أجدبت أرضها وعاوم نخلها.

ومعظم طُرف أبي العيناء يكون هو بطلها ومحورها، بيد أن ثمة من الطرف ما يكون مجرد راوٍ لها، ومن ذلك أنه قال: رأيت حمالا قد حمل على رأسه شيئا بنصف درهم فلما أراد الرجوع اكترى إلى ذلك الموضع حمارا بأربعة دوانيق.

وإذا كان لا بد من خلاصة فإنّ الطرفة لدى أبي العيناء محمد بن القاسم اليمامي كثيرا ما تعكس حياته الشخصية، وعاهته وطبيعة عصره ومجالسه وثقافته. والطرفة قد تكون أداة تعويض في يد أبي العيناء يدافع بها عن نفسه، ويستعرض معرفته وخزينه الثقافي .

الخلاصة
1. النكتة شائعة بين الناس شيوع النار في الهشيم.
2. النكتة ظاهرة إبداعية وإنسانية واجتماعية ذات أهمية كبيرة، وتشكّل أبرز ظاهرة إبداعية مؤثّرة وناقدة وكاشفة عن كثير من الجوانب.
3. النكتة ضمن إطارها التشكيلي العامي وفقاً للهجة كل بلد تسري بين كافة طبقات المجتمع، حتى إذا انتقلت إلى بلد ربما وجدت فهماً، مما يمهّد لسريانها وجريانها بين الشعوب، ومما يكسب كينونتها طابعا يتجاوز المحلية.
4. النكتة تحمل انعكاسات عدة: ( اجتماعية ونفسية واقتصادية.. الخ )، ومن خلالها يمكن التعرف على كثير من جوانب الشعوب والأفراد والحياة بعامة.
5. البلاغيون القدامى يسمون الحالة البلاغية المميزة والنادرة ( نكتة بلاغية ).
6. تعتمد النكتة على عنصر ( المفارقة ) ولولا المفارقة ما كانت نكتة، وفي التراث العربي كانت هناك حالة أدبية وفنية تسمى: ( الطرفة الأدبية).
والطرفة شبيهة بالنكتة المعاصرة، والفرق في الخطاب؛ خطاب الطرفة فصيح، وخطاب النكتة عامي أقرب إلى اللهجة المحلية، وهو يتشكّل في هذا السياق وفقًا للهجة البلد !
7. للنكتة رمزيتها التي يمكن أن تتضح من خلال سياقاتها، أو من خلال بعض الدلالات البارزة فيها والرمزية الكامنة في النكتة يمكن استجلاؤها بوضوح وتفكيك جزئياتها الدقيقة.
8. أبرز ملامح النكت ــ ولا شك ــ السخرية من وضع أو موقف، وقد ينسحب هذا على جوانب عديدة منها: السخرية من ( الذات ) نوعا من النقد الذاتي المرير بإزاء الموقف الانهزامي أو التصادمي مع عوامل ومناخات مضادة !
9. السخرية في النكتة عنصر حيوي ومهم، لأنها أساسها من جهة؛ ولأنها ( معادل موضوعي ) لحرارة الموقف وفي هذا تصوير للفجيعة في الإحساس بالخيبة والخذلان في أغلب الأحوال .

نماذج نكت حديثة
1. مستحيلات: عراقي يعيش بأمان، إماراتي فقير، سوري مو بعثي، عُماني حلو، مصري ساكت، سوداني نشيط، مغربي يحكي عربي، يمني صاحي، فلسطيني لا نازح ولا لاجئ، كويتي متواضع، سعودي صار يومين ما أكل كبسة، إيراني اسمه عمر، ليبي عاقل، أردني سعيد.
2. في ثلاثة مسافرين، فسألتهم المظيفة وش طلبكم قال الأول أبي عسل يا عسل، والثاني قال أبي سكر يا سكر، والثالث سمعهم وقال للمظيفة أبي حليب يا بقره !
3. حبتين طماطم واقفين في الشارع، وجت سيارة بغت تصدمهم قالت وحده للثانية بغينا نروح كتشب !
4. فيه واحد خطف عجوز وداها حارس المدرسة الثانوية وقال له: ممكن تصرفها لي بنات !
5. لبناني وعراقي مضيعين نسوانهم، الأول قال مرتي لابسة جينز قصير وضيق وبدي شفاف ومرتك ؟ قال العراقي: خلي تولي امشي ندور على مرتك.

 

 

منتدى السهلة الأدبي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 05:30 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد